أجمع خبراء وبرلمانيون على غياب الرؤى الإستراتيجية الاقتصادية للدولة العراقية، مؤكدين عدم وجود برنامج اقتصادي حكومي واضح المعالم.وعزا الباحث الاقتصادي ميثم ألعيبي تلكؤ الخطط الاقتصادية بالعراق إلى عوامل عدة في مقدمتها الفساد المالي والإداري ونظام المحاصصة السياسية.
وقال ألعيبي لـ (المدى الاقتصادي):إن هذه العوامل أثرت تأثيراً  كبيراً على إيقاف عجلة التقدم الاقتصادي بالعراق،  مبيناً انها أحدثت خللاً كبيراً  في مرحلة تطبيق القوانين ومطابقة الجديدة منها مع المستحدثة، ما جعل  ثغرات كبيرة يستطيع من خلالها المفسدون تحقيق غاياتهم.  وأضاف ألعيبي: أن الطبقة السياسية المكونة من تيارات وأحزاب مختلفة وعلى اختلاف توجهاتهم الليبرالية والإسلامية  والعلمانية تلغي وجود عقد اقتصادي موحد للبلاد. وبيّن ألعيبي: أن الدستور العراقي فيه ملامح تغيير من النظام الاشتراكي إلى الرأسمالي، فالحكومة تحاول أن تجد لنفسها برامج وخطط عمل واضحة لكن تنجز بكفاءة اقل وبهدر كبير للأموال , من جانبه، وصف الخبير الاقتصادي  ثامر الهيمص  الأداء الحكومي للبرامج الاقتصادية غير واضح المعالم  و يشوب بعض مفرداته  الغموض الكامل، ما ينعكس ذلك سلباً على مستقبل العراق بشكل عام. وقال الهيمص لـ (المدى الاقتصادي ): إن من أسباب عدم  وضوح  الرؤى الاقتصادية المتكاملة بكافة أنظمة الدولة بالعراق في الوقت الحالي يعود بالدرجة الأولى إلى غياب الوعي الاقتصادي لدى بعض السياسيين، مبيناً خطورة التنافر السياسي والذي أفرزته المحاصصة السياسية.وأضاف الهيمص: من الثغرات الأخرى تسييس المشاريع الاقتصادية التي تخدم البلد مثل تعطيل قانون النفط و تأخير مشاريع الإسكان وعدم حسم إشكالية  القطاع العام والخاص ومحاولة جعل القرار الاقتصادي يخدم الأغراض الانتخابية.وتابع الهيمص: أن هنالك الاختلافات الحاصلة  بين الأطراف السياسية حول تأسيس شركة نفط والقيام بعملية تصنيع المنتجات النفطية بدلا من استيرادها من الخارج، لافتاً إلى أن جل أسباب الاختلاف يعود إلى عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وتغييب الاقتصاديين عن اخذ دورهم الرائد في جميع القطاعات.وحمل الهيمص مجلس النواب مسؤولية عدم رسم سياسة اقتصادية واضحة تستطيع من خلالها كل القطاعات الاقتصادية المختلفة السير بالشكل الصحيح على طريق وضع نصوص قانونية تنسجم مع المرحلة الحالية التي يعيشها البلد،وأشار الهيمص الى ان  العراق في الوقت الحاضر يعتمد اعتماداً  كلياً على حجم الواردات النفطية، ما يعتبر من البلدان الريعية، مؤكداً ضرورة  البحث عن مصادر بديلة تخفف من حالة الاعتماد المفرط على النفط.ولفت الهيمص إلى ضرورة القضاء على الفساد المالي والإداري كونه يضع العقبات أمام التنمية ويقف حاجزاً أمام  اتخاذ القرارات الاقتصادية الصائبة من جانبه. إلى ذلك، قال عضو لجنة النزاهة البرلمانية النائب  أحمد الجبوري أن أسباب هدر المال العام من قبل أغلب دوائر الدولة يعود إلى عدم وجود سياسة اقتصادية واضحة في البلد، داعياً إلى معالجتها في الموازنة القادمة.وأضاف الجبوري بحسب (الوكالة الإخبارية للأنباء) : أن أغلب وزارات ودوائر الدولة تصرف أموالاً طائلة لمشاريع غير ضرورية،ما يؤدي إلى هدر كبير للمال العام وهذا ما يعود إلى انعدام السياسة الاقتصادية الواضحة للبلد، مشيراً إلى أن نظام الحكم في العراق برلماني، ديمقراطي، اتحادي، حيث يحتوي على أكثر من سلطة وتوجهاته متعددة، مما يصعب السيطرة على صرف الأموال من قبل الدوائر والوزارات.ودعا الجبوري إلى إيجاد سياسة اقتصادية ومالية واضحة ومفهومة في البلد لكي تعالج الموازنة السنوية القادمة، مشدداً على ضرورة أن تستعين الوزارات المعنية بخبراء اقتصاديين لمعالجة المشاكل التي تتعرض لها الموازنة السنوية للدولة من أجل إنعاش الاقتصاد العراقي والقضاء على البطالة، مؤكداً أنه ليس بإكثار الوظائف، ولكن توفير فرص العمل من خلال إنشاء المشاريع الاستثمارية في البلد.