عن : افكار عن العراق في التاسع من ايلول 2011 قدم القاضي رحيم العكيلي استقالته من رئاسة هيئة النزاهة قائلا ان الحكومة لم تلتزم بمحاربة الفساد و الاحتيال و ان الاحزاب السياسية في البلاد تتدخل في عمله. تقرير جديد صادر عن مجموعة الازمات الدولية القى ضوءا جديدا على اسباب تلك الاستقالة .
يبدو ان هيئة النزاهة و غيرها من الهيئات قد اكتشفت عددا من الشركات الكبيرة تدار من قبل سياسيين بارزين يحصلون على عقود مع الحكومة بشكل روتيني متكرر، الا ان هذه الشركات لا تنجز الاعمال المنوطة بها بموجب العقود. و عندما حاول العكيلي مقاضاتها تدخلت السلطات و عرقلت محاسبة تلك الشركات. هذه الممارسة الحكومية المسببة للإحباط ربما تكون القشة التي قصمت ظهر البعير و اضطرت رئيس هيئة النزاهة الى تقديم استقالته . قبل استقالة العكيلي، كانت هيئة النزاهة و ديوان الرقابة المالية و العديد من المفتشين العامين في الوزارات العراقية منشغلين بتحقيقات كبيرة. بعض المفتشين اخبروا الهيئة بأنهم اكتشفوا عددا من الشركات الكبيرة التي أنشأتها الاحزاب السياسية و المسجلة في بلدان اخرى، كما حذرت بعض الحكومات الاجنبية الهيئة من هذه الشركات. عندما عرضت الحكومة اجراء عقود متنوعة كانت هذه الشركات تفوز بتلك العقود دون عروض منافسة من شركات أخرى. هذه الشركات تعمل دون رقابة مما يسمح لها باستحصال الأموال دون ان تنهي العمل . حينها انخرط ديوان الرقابة في هذه القضية باعتباره الجهة المسؤولة عن تدقيق الأمور المالية للحكومة. فقامت الهيئة و الديوان معا بتنظيم قائمة بالشركات الكبيرة و بدأت بالتحقيق في مدى علاقة تلك الشركات بالسياسيين. ثم قامت الهيئة بتحريك بعض القضايا، الا ان الحكومة كانت في كل مرة تعرقل عملها . تعتقد مجموعة الازمات الدولية ان هذا هو السبب الرئيس لاستقالة العكيلي .اكتشاف هذه الشركات الكبيرة كان انجازا رئيسيا لأنها كانت تحتال على الحكومة في عقود كبيرة مهمة، لكن الاهم من ذلك انها مرتبطة بسياسيين بارزين، و هذا هو بالضبط الواجب الذي أنشئت من اجله هيئة النزاهة. في الواقع ان بعض المسؤولين البارزين في العراق الجديد لا يسمحون لأحد ان يكشف نشاطاتهم غير القانونية، و خلال السنوات الست منذ ان استعاد العراق سيادته لم نشهد محاكمة اي من المسؤولين الكبار او اتهامه . لقد اشتكى القاضي العكيلي من النخبة التي تعرقل عمله و تأدية واجباته، و قد اتضح ذلك في قضية الشركات الكبيرة عندما تم اكتشاف احتيال كبير في عملية التعاقد الحكومي، الا ان الاحزاب السياسية في البلاد وقفت عائقا امام تلك التحقيقات . كان رئيس الهيئة يعلم انه لن يستطيع مواصلة عمله في هذه القضايا الحساسة مع كل تلك التدخلات، مما ادى الى تباطؤ احراز التقدم في اية قضية كبيرة في السنوات الاربع الماضية منذ ان استلم منصبه كرئيس للهيئة، و هذا ما ادى به الى تقديم استقالته في نهاية المطاف. و هناك تقارير تفيد بان رئيس الوزراء نوري المالكي كان يدفع باتجاه ابعاد العكيلي عن المنصب و إبداله بشخص من حزبه اكثر انصياعا من العكيلي . فبسبب غياب الدعم من الجهات العليا في الحكومة و عدم قدرته على الاستمرار في المقاضاة استقال القاضي العكيلي . بكل بساطة ، فان الحكومة العراقية غير مهتمة بمحاربة الفساد في هذا الوقت. و هناك الكثير من المال يمكن للسياسيين الحصول عليه عن طريق الاحتيال على الحكومة بحيث لا يمكن لأي جهة ان تمنع ذلك. مما يعني عدم توفر الفرصة لأية جهة رقابية مثل هيئة النزاهة كي تقوم بتنفيذ واجباتها بشكل فاعل ، و هذا هو السبب في استقالة رئيس الهيئة.وبالرغم من محاولات بعض الكتل السياسية اعادة العكيلي الى منصبه من خلال ترشيحه مرة اخرى، الا ان ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي يرى عدم امكانية ذلك.ويقول الائتلاف ان المشمولين بقرار الاجتثاث لا يمكن ان يرأسوا مناصب خاصة كهيئة النزاهة ، لذلك فان عودة رحيم العكيلي محالة، ويرجع ليقول الائتلاف حسب نوابه الى ان هيئة النزاهة بحاجة الى شخص يقف بوجه كل المعوقات التي تواجه عمل الهيئة ، وان لا يخضع لأي ضغوط سياسية قد تؤثر عليه.يذكر ان لجنة النزاهة النيابية اتهمت في وقت سابق رئيس الوزراء نوري المالكي بـما اسمته بالتستر على العديد من المفسدين وعدم جديته في محاربة الفساد وقال مقرر لجنة النزاهة النيابية خالد العلواني ان المالكي اخفى معلومات عدة عن اللجنة ومنها ملابسات استقالة رئيس هيئة النزاهة رحيم العكيلي خاصة انها جاءت استجابة لطلبه دون ذكر المبرر. ترجمة المدى
سياسيون يمتلكون شركات كبيرة دفعوا العكيلي إلى الاستقالة

نشر في: 10 أكتوبر, 2011: 10:21 م









