TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > شناشيل :إنذار جديد من مصر

شناشيل :إنذار جديد من مصر

نشر في: 10 أكتوبر, 2011: 10:23 م

عدنان حسين مصر مهددة حقاً وفعلاً هذه المرة.. هذا ما تنبئ به الأحداث التي وقعت الليلة قبل الماضية انطلاقاً من منطقة ماسبيرو وسط القاهرة. فالنيران التي اشتعلت في محيط مبنى التلفزيون يمكن أن تمتد في أي وقت إلى سائر المناطق المصرية فتغرق البلاد في حرب أهلية مدمّرة يموت ويتضرر فيها المسلمون والمسيحيون سواء بسواء.
من المهم للحؤول دون وقوع السيناريو الأسوأ إدراك الأسباب. ومعرفة الأسباب توصل إلى منتصف الطريق المؤدية إلى حل المشكلة. والسبب الرئيس في أحداث الليلة قبل الماضية يعود إلى شعور الأقباط في مصر باستمرار التهميش والعداء والتمييز ضدهم والانتقاص من حقوقهم باعتبارهم مصريين من الدرجة الأولى، مثلما كان من الأسباب الكامنة وراء انتفاضة 25 يناير (كانون الثاني) الماضي شعور المصريين عامة، وفئة الشباب خاصة، بالتهميش والانتقاص من حقوقهم.ومحنة الأقباط في مصر هي جزء من محنة كل ما يُعرف بالأقليات في العالم العربي والعالم الإسلامي عامة.. وهذه المحنة نابعة من واقع أننا ليس فقط لا نعترف بالآخر وإنما أيضا نعتبره معادياً (قومياً) وكافراً (دينيا)، وبالتالي يحق لكلّ واحد منا إنزال العقاب في هذا الآخر، بما في ذلك قتله، باعتبار ذلك نضالاً قومياً أو جهاداً دينياً.. بل أن كراهية الآخر تشمل أبناء الدين الواحد، فالمنتسب لطائفة معينة يرى في المنتسبين لسائر الطوائف كافة خارجين عن الملّة.هذه النظرة المسعورة في عدائيتها تجاه الآخر جزء من منظومة اجتماعية شاملة، متغلغلة في مختلف زوايا المجتمع وأركانه، من المدرسة الابتدائية إلى الجامعة، إلى الجامع والحسينية، إلى البيت والحارة، إلى الإذاعة والتلفزيون والموقع الالكتروني. فهذه كلها تُعبّئ ضد الآخر على مدار الساعة.. استمعوا إلى خطب الجوامع والحسينيات والى محطات الإذاعة والتلفزيون (الدينية) لتتأكدوا.لذا فأن لجنة تقصي الحقائق التي أمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم في مصر بتشكيلها لكشف ملابسات أحداث الليلة قبل الماضية، لن تسفر عن نتيجة مثمرة، ولن توقف اندلاع أعمال عنف دموية من النوع الذي روّعنا الليلة قبل الماضية، فأعمال اللجنة لن تتعدى تعقب مَن بدأ بإشعال الفتيل ومَن ساعده أو انضم إليه، ومَن اعتدى على الممتلكات الخاصة والعامة. وحتى لو نجحت اللجنة في الكشف بدقة عن الملابسات فهذا لن يحل المشكلة الأم.. المشكلة التي تجعل من مسلمين يستفزّون الأقباط بمناسبة ومن دون مناسبة ويهاجمون كنائسهم وبيوتهم ويحرقونها.. المشكلة التي تجعل من الحكومات المصرية المتعاقبة تمتنع عن ترخيص جميع الكنائس المسيحية القائمة حالياً وإتاحة بناء كنائس جديدة.. المشكلة التي تجعل من العربي يعادي الكردي والتركماني والكلداني والآشوري والأرمني والأمازيغي، ومن المسلم يعادي المسيحي واليهودي والصابئي والايزيدي والبهائي، ومن السني لا يحب الشيعي ومن الشيعي لا يحب السني ومنهما كلاهما لا يطيقان العلوي أو الدرزي أو الاسماعيلي.هي مشكلة مزمنة، وحلّها يبدأ من المدرسة والبيت والحارة والجامع والحسينية والجامعة ووسائل الإعلام في الآن ذاته.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram