علي حسين الحديث عن أن العراقية ودولة القانون يد واحدة، والكلام بشأن الانسجام والوئام بين السياسيين، هو حق يراد به باطل أو يمكن اعتباره نوعا من التغطية على أزمة قائمة اصلا بين جميع الأطراف، لذلك كان مضحكا أن يتحدث النائب علي الشلاه قائلا : " جميع الأخبار والتوقعات التي تحصل في المطبخ العراقي تؤكد عدم وجود أية عاصفة سياسية " بل وإصراره على ان الأمور تسير بالاتجاه الصحيح ، وان التفاهم موجود بين الجميع ، ليبشرنا في النهاية إن الكتل السياسية التي تبدو متناقضة في التصريحات داخل البرلمان،
هي منسجمة في الوزارة إلى حد بعيد، هكذا اذن يريدنا السيد الشلاه ان نؤمن أن العلاقة بين الكتل السياسية " سمن على عسل " ولم ولن تهتز في يوم من الأيام، ذلك أن العراقية هي ظهير لدولة القانون ، كما أن ائتلاف دولة القانون هو سند للعراقية ومن ثم يصبح التلميح بوجود بعض الشوائب في هذه المياه الجارية بين الطرفين هو الخطأ بعينه، وهو بمثابة اختراع مشكلة من العدم، وان علينا جميعا ان نتطوع لمناهضة كل من يعكر صفو هذه الالفة الحميمة ، بل وان نستعد الى الانتحار الجماعي من اجل عيون الكتل السياسية ، لا بد ان مثل هكذا دعوات تريد حتما ان تغطي على مأساوية الوضع الذي يعيشه الناس، وعن غياب الخدمات والانفلات الامني وتضييق الحريات والفساد الذي عم جميع مرافق الدولة، حتى بات العراقيون لا يتذكرون أسماء السراق من كثرة عددهم، وأصبحنا نعيش أزمة ثقة بين الناس ومعظم السياسيين.هل أبدو للسياسيين كاتبا يركز على سفاسف الأمور ويبتعد عن جوهرها؟ ممكن ، فأنا أفتخر بالانتماء إلى الملايين من أبناء هذا الشعب ممن يمتلكون نظرة خاصة وعميقة لما يجري حولهم من نهب لثروات البلاد وتخريب لاقتصادها وتعليمها وثقافتها ومدنيتها ، فيما الساسة مصرون على ملء الفضائيات ، صخبا وضجيجا مطالبين الناس أن تسبح بحمدهم لأنهم وجدوا طريق الخلاص للازمة العراقية من خلال العطلة التي سيتمتعون بها، بل أن النائب الشلاه يريد منا ان نشجعهم على ان يأخذوا اجازات طويلة الامد ، لان اجازة حسب قوله " ستكون فترة تهدئة للعملية السياسية خلافاً لجميع التوقعات التي تتضمن تدهور الوضع السياسي " اذن عليكم ايها العراقيون ان تخرجوا الى الشوارع والساحات رافعين ايديكم بالدعاء بان يمن الله عز وجل على نوابنا بعطله تدوم دهورا عسى ان يستقر الوضع السياسي ، وأضم صوتي الى هذه الدعوة واطالب بحملة وطنية لجمع مبالغ رحلات النواب خارج العراق واضيف اليها اقتراحا بمشروع قانون يمنح كل نائب اجازة لا تنتهي حتى تستقر النفوس ونبعد عن البلاد شر ازمة سياسية وتدهور امني خطير ، واللافت، أن ترحيب الشلاه بعطلة النواب ليس الغرض منه اسعاد السادة اعضاء البرلمان وانما اراحة الحكومة من البرلمان الذي ربما يسبب لها صداعاً بين الحين والاخر ، وبما ان النظام السياسي الحالي لا يسمح بالغاء البرلمان فلتكن الاجازة بديلا عن صراع الارادات. كلام الشلاه يضعنا اليوم كعراقيين أمام تحدٍ كبير من اجل الخروج من عالم الطفيلية السياسية إلى عالم الديمقراطية وتنافس الأفكار والرؤى، ولكي نؤسس لديمقراطية حقيقية لابد من مناقشة البدائية السياسية التي يتمسك بها بعض السياسيين ونسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية، فهناك فرق بين بناء دولة تحمي وتصون حقوق المواطن وتسعى للسير بالوطن إلى آفاق التقدم والتحضر والازدهار، وبين سياسيين يرفعون شعارات كوميدية يريدون من خلالها ان يوهموا الناس بأنهم حريصون على مصالح العراق ومستقبل أبنائه، وإذا كنا جادين في الحديث عن مستقبل هذا البلد، لابد من فضح الطبخات التي يعدها بعض الساسة في مطابخهم الخاصة، وان نقول لهم بصوت واحد: ان هذا طعام فاسد ومنتهي الصلاحية.
العمود الثامن :مطبخ علي الشلاه
نشر في: 10 أكتوبر, 2011: 10:32 م