عامر القيسيبالأمس كتبتُ عن ضرورة نفض اليد نهائيا من المراهنة على الجياد الهرمة المنهارة لنظام بشار البعثي وعدم مدّ أي نوع من أنواع الدعم له تحت أي مسميات بما في ذلك بند البروتوكولات الدبلوماسية. واليوم أطالب كعراقي تدور أحداث مهمة على تخوم حدود بلاده وتؤثر لاحقا على علاقاته الخارجية، بعدم التفرج على المذبحة التي يتعرض لها الشعب السوري الشجاع وهي مشابهة باختلاف التفاصيل للمذبحة التي نفذها صدام ضد الانتفاضة الشعبية الآذارية عام 1991 والتي ظلت الأنظمة العربية تتفرج عليها من باب التسلية، بل أن البعض صفّق له وهو يرفع رايات الانتصار العروبي الكبيرة فوق جثث ثوار العراق!!
المطلوب ليس إرسال الأسلحة والرجال ولا حتى المال، حتى لا يقال عن ثورة الشعب السوري إنها طائفية أو إنها نتاج مؤامرة امبريالية عالمية، وبالتالي فأن الجميع سيرتجف هلعا من تهديدات وزير الخارجية السوري وليد المعلم لكل من يدعم الثورة السورية أو يعترف بمجلسها الوطني. وهي تهديدات كانت موضع تندر وسخرية من الآخرين. إن القرار الشجاع الذي اتخذه ثوار ليبيا في الاعتراف بالمجلس الوطني السوري المعارض وإغلاق السفارة السورية في طرابلس، هي نموذج معقول لرفع الروح المعنوية لثوار سوريا. ماذا خسر ثوار ليبيا من موقفهم هذا؟ لاشيء طبعا، بل الأصح أنهم كسبوا الشعب السوري الثائر واحترام شعوبهم لمواقفهم الجريئة. إذا حسبناها بحساب المصالح فلا شيء للنظام السوري بإمكانه أن يقدمه، فهو اقتصاديا منهار وسياسيا يبحث عن منقذ له من ورطته مع الشعب، حتى أن روسيا، الذي سيسجل لها التأريخ عارا في مواقفها السياسية، طالبت من بشار الأسد، بعد أن اتخذت فيتو العار المشهور مع الصين، ان يسارع إلى تنفيذ وعوده في الإصلاح. ولمن يريد أن يقرأ مستقبل الأحداث بنظرة ثاقبة بعيدة عن مخاوف وهواجس الأفكار الدونية عن الطائفية، فان سقوط نظام بشار البعثي وانتصار الثورة السورية سيشكل ضمانا أكيدا لحدودنا مع سوريا من كل أشكال التدخلات ودعم التنظيمات الإرهابية مما يتيح لنا وقتا ثمينا للاستراحة من جبهة نظام البعث التي أرهقتنا وشكلت عبئا ثقيلا على العملية السياسية والأمنية معا منذ سقوط صدام عام 2003.إذا كان الموقف الرسمي محفوفا بهواجس وجود العراقيين الكثيف في سوريا فان النظام لا يستطيع أن يفعل شيئا لهم وهو غارق في أزمته إلى النهاية وسيؤجج الرأي العام عليه والمنظمات الدولية والمجتمع الدولي إلا أذا كان غباؤه السياسي يزيّن له فتح جبهة جديدة عليه غير قادر على التحكم بالرياح التي قد تأتي منها، وتجربتنا خير برهان فيما يتعلق بمنظمة مجاهدين خلق الإيرانية، التي قامت الدنيا ولم تقعد بسببهم ولم تستطع الحكومة العراقية أن تفعل شيئا لهم. نقول إذا كان الموقف الرسمي العراقي محكوما بحسابات ضيقة فأن القوى السياسية مدعوة قبل غيرها إلى التضامن مع الشعب السوري في ثورته الشجاعة وهي تكنس في طريقها قلعة أخرى من قلاع الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة.
كتابة على الحيطان: لا تخذلوا الشعب السوري
نشر في: 11 أكتوبر, 2011: 07:50 م