TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عين :كائنات عجيبة

عين :كائنات عجيبة

نشر في: 11 أكتوبر, 2011: 09:10 م

 عبد الخالق كيطان قبل أسابيع كتبت عن "أفعى سيّد دخيل"، ولقد أبدى أحد أصحابي أسفه لأنني صدّقت بمثل هذه القصص الخيالية. لم لا، فالرجل يعتقد أننا نعيش في جنّة الأرض، وذلك حقه الطبيعي. ولكن المشكلة أن قصصاً غريبة من هذا النوع ظلت تتكرّر أمامي، أو تنشرها الصحف ووكالات الأنباء، ناهيك عن ألسنة الناس. ومن تلك القصص واحدة عن تمساح خطير ظهر في المحافظة الفلانية وكائن غريب ظهر أخيراً في مدينة العمارة.
كنت طوال سنوات عمري أسمع مثل هذه القصص التي يكون أبطالها كائنات غريبة تشبه "السعالي" و"الغيلان" و"الطناطل"، وكان المقصود من رواية تلك القصص إخافة الأطفال تحديداً إذا ما خالفوا أوامر الكبار. ولقد أثبتت النظريات التربوية الحديثة أن مثل هذه الممارسات من قبل الآباء والأمهات تترك آثاراً سلبية في نفوس الأطفال بدلاً عن تربيتهم، كما تريد عوائلنا. ثم بدأنا نسمع قصصاً أخرى عن مخلوقات غريبة تظهر في هذه المنطقة أو تلك، بعضها تخرج من الأنهر، وأخرى تخرج من الصحارى وثالثة من جحور الجبال ورابعة من شقوق الطين في الأهوار. نسمع عن ذئاب وخنازير وأفاع ثم وصلنا إلى المخلوقات غير المحسوم جنسها، كما هو أمر الحيوان الذي ظهر مؤخراً في العمارة ولم يستطع المواطنون، ضمن تقرير صحفي نشر في هذه الجريدة مؤخراً، أن يتعرّفوا إليه. وفي مثل هذه القصص تحضر أسئلة مهمة ينبغي أن يجيب عليها العلم قبل غيره من أمثال: من أين؟ وكيف؟ وما هو؟. وبغياب الأجوبة لمثل هذه الأسئلة نسقط في فوضى التعليقات المجانية ونصل إلى الخرافة. من الواضح أن مثل هذه الكائنات العجيبة تظهر في كل مكان من هذه المعمورة. وتخبرنا تقارير صحفية عديدة عن حالات مماثلة في غير بلد حيث يقوم العلماء باصطياد الكائن عبر نصب كمين مناسب ومن ثم تخديره ونقله إلى مختبر متخصص لتبدأ سلسلة من التجارب والبحوث عليه من أجل الوصول إلى حقيقته. والوصول إلى حقيقة هذه الكائنات يساعد الناس على التعامل معها، سواء أكانت كائنات عدوانية أو غير ذلك. ولكن المؤسف في حالتنا العراقية، وبالرغم من تكرار الأحاديث المتشابهة عن اكتشاف حيوانات غريبة وكائنات عجيبة في هذه المنطقة أو تلك، إلا أن الحلول والمعالجات، أو البحث في أصل وفصل تلك الكائنات ظلّ من ابعد مستحيلاتنا، والمؤسف أن يبدأ المواطنون بتناقل الأحاديث عن مقتل عدد من المواطنين على يد تلك الكائنات. ففي الخبر الذي يخصّ كائن العمارة العجيب ثمة حديث عن طفلة قطعت إلى نصفين، وهو تعبير مروّع لو صحّت روايته فسنكون أمام شيء أكبر من كونه مجرد كائن عجيب إلى وحش كاسر. بالطبع سيتصدّى لي بعض الأصدقاء بالسخرية من جديد لأنني أترك "صراع الجبابرة" في العراق وأتوجّه بالحديث عن كائنات مشكوك في أمر وجودها ما ظلت أخبارها مجرد أخبار شفاهية أو تقارير يتيمة في أحسن الأحوال. وأقول لهؤلاء الأصدقاء أن هذه الكائنات العجيبة التي نسمع عنها بين حين وآخر لأجدى بالمتابعة والتحليل، والبحث والتنقيب، ألف مرة من صراع قادة يعتقد جميعهم بأن القدر وحده هو الذي أرسلهم لهذه البلاد المنكوبة، متناسين عن عمد أن القدر ذاته هو أيضاً من يسلّط علينا كل يوم كائنا جديدا بأنياب قاتلة...ولا حول ولا قوة إلا بالله..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram