TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > إفلاس وبلطجة

إفلاس وبلطجة

نشر في: 12 أكتوبر, 2011: 05:19 م

فريدة النقاشواضح لكل ذي عينين أن هناك عناصر غريبة على مظاهرات الوحدة الوطنية التي نظمها أقباط ومسلمون أمام مبنى  التليفزيون المصري في ماسبيرو احتجاجاً على هدم كنيسة الماريناب في أسوان وأن هذه العناصر التي قال شهود عيان إنهم لم يكونوا من المتظاهرين وهم الذين أطلقوا النار على كل من المتظاهرين والجنود، وكان بعضهم من راكبي الموتيسيكلات بدون أرقام.
وتكررت أعمال البلطجة هذه في مواقع وأحياء كثيرة من البلاد في الشهور التي أعقبت الثورة، وما صاحبها من انفلات أمني وغياب للشرطة وفوضى اجتماعية المقصود منها تشويه الثورة ودفع المواطنين للقول بإن النظام الذي سقط كان أفضل من حيث توفير الاستقرار والأمن، رغم أن الشعب المصري ذاق الأمرين من ممارسات وزير الداخلية المحبوس «حبيب العادلي» وأجهزته التي انتهكت كل القوانين والأعراف واعتقلت وعذبت دون ضابط أو رابط.ومن الواضح أيضا أن أعضاء الحزب الوطني المنحل بعد أن لاح لهم أنهم سوف يتعرضون للعزل السياسي وربما لن يتمكنوا من خوض الانتخابات القادمة رفعوا شعار «شمشون» الشهير «علي وعلى أعدائي» وهدد نفر منهم من أهل الصعيد بقطع الطرقات وصولا إلى فصل جنوب مصر عن شماله، ولا يعرف أحد حتى الآن لماذا لم يقدم هؤلاء إلى المحاكمة خاصة أن البعض منهم له سجل حافل بالممارسات الخارجة على القانون في مجال إحداث الفتن الطائفية واضطهاد المواطنين المسيحيين والاعتداء على كنائسهم وممتلكاتهم في محاولة لعزلهم كمواطنين من الدرجة الثانية طبقا لرؤية هؤلاء المفلسين الفاسدين.وما يمارسه هؤلاء البلطجية المنتمون لدوائر الحزب الوطني المنحل وأعوانهم وصنائعهم، هو في جانب منه تعبير عن الإفلاس الفكري والسياسي والانحطاط الروحي والأخلاقي الشامل الذي ينتعش على فضلات المجتمع وأزماته، ويستثمرها من أجل تحقيق الأهداف الخاصة جدا سواء الحفاظ على الثروات التي سبق أن راكموها من النهب والفساد، أو استرجاع سلطتهم السياسية التي تهاوت مع سقوط رؤوس النظام السابق وتقديمهم للمحاكمة.وقد دأبت القوى الفاشية عبر تاريخها على استخدام العنف كوسيلة ناجزة سواء في الإعلان عن وجودها لبث الذعر في نفوس المواطنين أو تصفية خصومها السياسيين جسديا. وعلينا هنا أن نفرق بوضوح بين العقول المدبرة لغارات البلطجية والبلطجية أنفسهم الذين ينحدرون من صفوف المهمشين وهم يعانون  الإذلال والحرمان لأنهم مطرودون على هامش المجتمع، وقد نجحت قوى اليمين تاريخيا في استخدام هؤلاء الضحايا البائسين للأزمة الاقتصادية الاجتماعية، وإبعادهم قدر الإمكان عن الوعي بأسباب محنتهم، وتوجيه الطاقات المدمرة التي يولدها الذل والحرمان وانحدار الوعي وانطلاق الغرائز البهيمية بديلا له إلى مجالات أخرى مثل العداء للأقباط أو للشيوعيين، ويتحول الإفلاس السياسي والفكري الشامل للمخططين ولممارسي البلطجة ليصبح ردا مشوها وإجابة زائفة على الأزمة الاقتصادية الاجتماعية - ويحجب هذا الرد - بسبب الضجيج والفوضى والآلام التي يتسبب فيها - الإجابات العقلانية والموضوعية التي تقدمها القوى الفكرية والسياسية والاجتماعية، بل إن هذا الرد الزائف والمشوه يشتت صفوف القوى الجماهيرية المنظمة الواعية، ويحرف جهودها ويلزمها موقع الدفاع عن النفس بديلا عن موقع الهجوم من أجل استكمال الثورة. وإذا كان المصريون قد نجحوا في الشهور الماضية في هزيمة الخوف الذي كانت قد بثته في نفوسهم الممارسات الأمنية الشائنة للنظام القديم، فمما لا شك فيه أن خوفا جديدا سوف يحل، وأن مقاومة مثل هذا الشعور بالخوف سوف يحتاج إلى جهود مضنية تبدد الطاقات وتنهك المواطنين وتبعدهم عن ساحة الفعل السياسي المنظم، لأنهم سوف يكونون مشغولين بالدفاع عن وجودهم بالمعنى الحرفي للكلمة، وبذلك ينجح المفلسون والبلطجية في دفع الطاقة الجماهيرية لاتجاهات أخرى غير مواصلة العمل من أجل استكمال الثورة أو استردادها على حد تعبير الشعار الذي أطلقه المتظاهرون في التحرير الجمعة قبل الماضية، أو الاهتمام بقضاياهم الحقيقية والنضال من أجلها بصورة سلمية ومتحضرة تماما كما كانت أعمال الثورة المصرية المجيدة كلها سلمية ومتحضرة. وعلى المستوي الفكري تحتاج هذه الظاهرة - أي زواج الإفلاس والبلطجة - إلى دراستها دراسة عميقة من قبل المفكرين والسياسيين والتعامل بمنتهى الجدية مع التوسطات والتفاعلات بين الاقتصاد والسياسة وعلم النفس لأن كل هذه العوامل مجتمعة هي التي أنتجت الظاهرة التي تفاقمت. كذلك نحتاج إلى النظر بعدالة ونزاهة إلى المطالب الموضوعية للأقباط المصريين الذين يجري اضطهادهم سواء استبعادهم من بعض الوظائف العامة أو تقييد حق بناء كنائسهم، والإصرار على حجب قانون بناء دور العبادة الموحد الذي يساوي بين كل معتنقي الديانات في بناء معابدهم، رغم أن هذا القانون سوف يؤدي حتما إلى حل الجزء الأكبر مما يسمى بالقضية الطائفية.ومن أسف أن البلطجة والإفلاس الفكري والسياسي قد امتدا إلى بعض مؤسسات المجتمع ومن بينها الأحزاب وقوى اليسار أن تبيح أقلية فاسدة لنفسها استخدام كل أساليب المهمشين ذوي الوعي المشوه والذين لا رادع أخلاقي أو سياسي أو إنساني لهم.إنها إذن عدوى ما يحدث في المجتمع ولكن القوى الحية والعقلانية والمتماسكة أخ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram