بغداد – المدى كانت سعاد راضي، التي تبلغ من العمر 39 عاما، تعمل كل يوم منذ الصباح الباكر حتى المساء في صالون لتجميل النساء، تقول: (على المرأة أن تعمل)، ربما تكون هذه الكلمات بسيطة بالنسبة لأي شخص يتحدث مع سعاد ويستمع إليها، ولكن الأمر يختلف بالنسبة إليها وإلى كل امرأة تعمل في هذا المجال، لأنه ليس بالضرورة أن يطلع الآخرون على تفاصيل حياتهن العملية.
بدأت سعاد بفتح هذا الصالون منذ ثلاثة أعوام وقامت بتقديم خدمات للمرأة رخيصة الثمن أو ما وصفتها هي بأنها ( تناسب المستوى المعيشي الغالب على نساء الحي، وجذبهن كزبونات )، وبعد ذلك ازداد عدد النساء المقبلات على الصالون، ورغم ان سعاد قامت بتوظيف عاملات معها في الصالون إلا أن أغلب زبونات المحل يفضلن ان تقوم سعاد تحديداً بتوفير ما يطلبن من خدمات. وقالت سعاد: إن مهنتها هذه شاقة وتحتاج إلى جهد كبير، إضافة إلى أن العاملة في هذا المجال عليها أن تتعامل بشفافية وتراعي مزاجية النساء وردود أفعالهن التي دائما ما تكون منتقدة لعمل ( الكوافيرة )، مشيرة إلى أنها كانت وما زالت تتحمل كل ذلك خوفاً من أن تفقد أي زبونة. وخلال الوقت الحالي، وجدت سعاد أن حياتها كأنثى بدأت تنهار، فتقول: كأنثى بدأت افتقد شعوري بذلك، فتفاصيل عملي رغم أنها على صلة كبيرة بالجمال والأناقة، إلا أنني للأسف لا أجد وقتاً للاهتمام بهندامي، وأهملت تلك التفاصيل التي تشعرني بأنني ما زلت أنثى، كما أن الانشغال في تزيين الزبونات والوقوف لساعات طويلة قتل رغبتي بالتجديد، حتى أن زوجي استسلم لهذا الواقع، ولم يعد يبالي. وفي الأيام الماضية، حاولت سعاد الاهتمام بهندامها، وتغيير طبيعتها هذه، فقامت بصبغ شعرها وارتداء ملابس جميلة، إلا أن هذا الأمر لم يتجاوز الأيام المعدودة، لتعود لصورتها الأولى، فتقول: أنا أريد التغيير والاهتمام بنفسي وزوجي إلا أن زخم العمل والتي تمثل بسجني طيلة النهار، لا مفر منه، فإما العمل وتوفير لقمة العيش، وإما التفرغ لحياتي الخاصة. ورغم تشابه صور المرأة العاملة، إلا انه على ما يبدو فإن هناك أعمالاً تمتهنها المرأة تبين مدى تأثيرها النفسي والاجتماعي عليها. وبمجرد أن تنشغل النساء بجدية في عملهن لتحقيق النجاح حتى يبدأن بالتخلي عن الكثير من الأمور الشخصية ويتحولن من نساء مهووسات بالجمال والأنوثة إلى شيء آخر، ربما لم نجد لها تسمية دقيقة حتى اللحظة... وتعترف هناء غانم وتعمل موظفة منذ (15) عاماً، بأن حياتها المهنية في السابق لم تكن كما هي عليه الآن، مشيرة إلى أن الوقت تغير وباتت هناك أمور تشغلها أكبر من الاهتمام بأنوثتها، معتقدة أن الاهتمام بالهندام والأنوثة هو شغل الفتيات غير المتزوجات . ومن جانبها، تحاول سحر محمود وهي موظفة أيضا، وضع النساء اللواتي لا يهتممن بأناقتهن وحالهن في نفس فئة الأشخاص الذين لا يستطيعون التوازن بين حياتهم العملية والشخصية. وقالت غيداء حامد، التي أنشأت منظمة مدنية تعنى بشؤون وقضايا المرأة: على المرأة أن تعي حقيقة مهمة، هي أن وجودها في الحياة ليس مجرد وجود اعتباطي، وليس من حقها على نفسها، أن تعمل وتهمل باقي الأمور، عليها أن لا تنسى أن أنوثتها وجمالها يساعدانها نفسياً بالشعور بمعنى الحياة، وهذا الأمر سوف يكون له تأثير كبير على نجاحها المهني في المستقبل. وتعمل منظمة غيداء هذه، بنشر العديد من المبادئ والثقافات التي ترسخ قيمة المرأة وحقها في نيل حريتها، وغيداء مثلها مثل أي امرأة موهوبة، تحاول إنجاح منظمتها، مع الحفاظ على أناقتها وأنوثتها.
أنوثة المرأة العاملة أين تتركها؟!
نشر في: 12 أكتوبر, 2011: 08:02 م