المدى الثقافيrnصدرت عن دار فضاءات للنشر والتوزيع والطباعة، عمان الاردن، الطبعة الاولى من"يوميات المدن" الحجم المتوسط، للروائية المبدعة لطفية الدليمي وهي يوميات سردية تؤشر إرتحالات انسانية تتصف بالذكريات مشتبكة في الزمان والمكان وصفات مدنية ومدينية وانسانية.
تداهمني موسيقى جوقة ضاجة في الحي اللاتيني: اسمعهم يهجون مهنتنا، يهجون الكتب والكتـّاب والكتابة، رجل بزي امرأة يهذي على افق من زهور جيرانيوم واشجار كستناء، يهجو الكلمات واللغات والشعر والنصوص، ويعلي من مقام الجسد في رقصة الموت التي تسحبه الى ممرات النار، يسمّينا فاشيست اللغة، فاشيست اللحظة الآبقة، فاشيّي العصر مابعد الحداثي..rnيشهق جنونا ويتسامق رغبة في هواءالميدان الدخاني مسّورا بدفقات من عطور وعرق، وبخار كحول ينضح من جلده الذهبي، من عروقه النافرة، من نظرته الزئبق، من فمه القابض على جمرة الشهوة.rnهجاؤه يحيل الكتب الى عدم، يحيل الكتّاب الى مشعوذين، يحيل الكلمات الى هباء زائد، هجاء الرجل الراقص: انوثة مستعارة في اهاب ذكورة مخاتلة، يطعن النص، ويلاحق اللغة بهبوب لهب من شعره الاحمر الجعد ونصه الكاسر وعضلاته المتوفّزة.. rnتتصف هذه المجموعة بانتمائها الى النص المفتوح ان جاز التعبير، فهي نصوص تتداخل في اساليب شائكة ومشتبكة بالقلق والفرح وانزياحات وتداخلات لشخوص وامكنة، وطيور مهاجرة، وسفن تخلف وراءها آهات، تدرك محنة الزوال والوجود، وتخاطب النهايات واللانهايات، النشوء والتكوين، النسغ واليباب، الضوء والعتمة، البسمة والفجيعة، الارتحال في المتاهات المؤدية الى اللامتاهات، الخروج من الاماكن الضيقة الى الفضاءات المدهشة، والعين التي ترقب السكون والزغب الذي ينمو في الاجنحة الغضة. "مثل إنغريد برغمان"، مثل إديث بياف، مثل امرأة بارحت الحب الى الموت، تنهمر الخسارات على المسافات القلقة مابين الافاقة والغياب، لااحد يحتفظ باحتياطي قيامة تعفيه من مصير الرماد سواي فأنت قيامتي..rnفي متاهة لارنكا: قلب المدينة مخصب بالموسيقى واعياد باخوس، تأخذني اوهامي الى حيث يقام في الكنيسة البيزنطينية قداس المساء، اجتاز الممر الرخامي، الاعمدة الهيلينية، البوابات المنحوتة من خشب السنديان، واجلس على المصطبة العتيقة، اتجلس معي؟؟.rnعيناي غائمتان برؤيا مرورك، عيناي مطبقتان على نظرتك، شمعة عملاقة تضيءالمذبح وصورتك تغالب الايقونة المذهبة وتحط في حدقتي وتنام في الافق.
"يوميــات الـمـــدن" تـدرك مـحـنـة الـــــزوال والــــوجـــــود
نشر في: 27 سبتمبر, 2009: 07:19 م