TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > الجامعة العراقية بين جهود التحديث وماضوية اللوائح والقوانين

الجامعة العراقية بين جهود التحديث وماضوية اللوائح والقوانين

نشر في: 27 سبتمبر, 2009: 07:41 م

أ.د. تيسير عبد الجبار الآلوسيv(2-2)(3) سيادة الخطاب الطائفي في الحياة العامة وسلطته في تشويه العمل الأكاديميإنَّ أغلب القوانين واللوائح التي تمَّ سنّها للجامعة العراقية كان ذلك في ظروف سلطة سياسية قمعية حكمت لعشرات السنين. واستمرّ العمل بتلك القوانين في الجامعة العراقية منذ سنوات ست من التغيرات الدراماتيكية بسبب من الانشغال بهجمة تعرضت لها تلك الجامعة في عقلها العلمي 
عندما تمَّ شنّ حملة طويلة عريضة تضمنت مطاردة شرسة طاولت الأستاذ العراقي في أمنه وحياته وموارد عيشه وتعمدت وضعه في محرقة التهديدات وعمليات الاختطاف والابتزاز التي لم تكتفِ بهذا بل ذهبت أبعد بتصفيات دموية بشعة عبر اغتيال مئات من خيرة ممثلي العقل العلمي العراقي..وهكذا جرت موجة تهجير جديدة أخرى لمئات وآلاف من الكوادر البحثية الأكاديمية وتصفية قسم مهم ممن تشبث بمؤسسته وبقي ينافح عنها.. وتمّ تسليم إدارة الجامعة هذه المرة إلى عناصر إما ضعيفة علميا أو ممالئة لسياسة طائفية صارت سائدة في المشهد العراقي الجديد أو من الهزال والنفعية ما لا علاقة لها بتوجيه البحث العلمي إلى حيث ألقت رحلها، المهم في خلاصة الأمر عند هؤلاء [البعض لا أكثر ولا أقل] ما يحظون به من مقابل مما يباع ويشترى ماليا ماديا ولا غير... فظهر أمامنا من أشكال الفساد المرافق لأشكال التمظهر الطائفي وخنادقه المتعارضة شكلا المتحدة جوهرا.وفي هذه الأجواء؛ لا يمكننا إلا أن نتوقع من إدارات عدد من الأقسام (العلمية) جهلا بعلماء العراق الحقيقيين وبمبدعيه من الكتّاب والأدباء: الشعراء، الرواة، القصاصين، المسرحيين ومن مجمل فنون الإبداع والعطاء المعرفي الساطع... كما سنشهد جهلا بآليات المنطق العقلي والصواب والرصانة في معالجة قضية رسالة علمية أو بحث أكاديمي وإقرار خطط تنفيذهما.. بمقابل معرفة بأمر واحد، هو أمر تعطيل كل ما يشم منه صاحب سلطة القرار في القسم العلمي، رائحة الاشتباه بخلفية لخندق طائفي آخر أو ذريعة تمس إشكالية طقسية يسمونها زعما وزورا وبهتانا الدين والدين منها ومنهم براء.. وبعد أن كان سبب مصادرة استقلالية الجامعة وحرياتها العلمية سياسيا يرتبط بالشك في أيّ أمر يحتمل أن يتعرض للطاغية ولحكمه وطروحاته، صرنا نجابه شكا مرضيا جديدا شبيها في نتيجته وجوهر آلياته بما مضى، فيما اختلافه وجديده يكمن في لون ردائه وهو لون الدين السياسي وخلفيته الطائفية، فظهر التخويف وعقدة الرعب من احتمال عودة ماض غير مرغوب فيه...وبتنا نسمع اليوم أن جامعة يتحكم بها (شخوص) ممن يدعون الانتماء للطائفة س أو أخرى تتبع متحكمين يزعمون الانتماء للطائفة ش وكلاهما يحظر إقرار ما يراه متعارضا وأهواء الزعامات التي يعتاش منها وتلبي حاجات عيشه على حساب المهنية ومبادئ احترام حقوق الإنسان واستقلالية الجامعة وعلى حساب صواب قوانينها وصحة لوائحها...والأنكى في هذا الأمر، أن تكون إدانة هذا الفعل القبيح الذي يعتدي على الحريات الجامعية، متشحة بخلفية طائفية بعضها مقصود في محاولة لتعزيز شرعية وجود الخطاب الطائفي القائم على التباكي وفلسفة المظلومية واستدرار عواطف بالإيهام والتضليل وبعضها يطفو بسبب من التشوّه الذي تفرضه سيادة هذا الخطاب في الحياة العامة وتفاصيلها..إنَّ معالجة قضية الحريات العلمية واستقلالية الجامعة لا يمكن أن تأتي يوما من بوابة الطائفيين الجدد بأشكالهم.. لأن ذلك سيدعو لمراكمة المنتج الطائفي نفسه وتعزيز التخندق والانقسام على أساسه.. ويمكننا بسهولة على سبيل المثال لا الحصر العودة بإشارتنا إلى مجريات رفض تلك الجامعة العراقية لخطة طالبة الدكتوراه التي اختارت مادتها في إبداع الشاعر حسب الشيخ جعفر...وهنا ينبغي التوكيد على صواب الإدانة التي أعلنها اتحاد الكتاب والأدباء العراقيين في جوهر خطاب الإدانة تلك وأهدافه النبيلة وعلى صواب دعوة المبدعين ومنظماتهم كيما يتخذوا قرارا حاسما وواضحا بالخصوص.. ليكون أداة لتوكيد استقلالية خطاب الثقافة ونزاهته وصواب معالجته بعيدا عن أمراض الطائفية والتسييس الرخيص والانتهازية..على أنه ينبغي لنا ولمجمل خطاب الثقافة والمثقفين والأكاديميين العراقيين ألا ينجرّوا إلى رديء الخطاب السياسي وتخندقاته الفئوية الطائفية ومن ذلك استخدام آليات الخطاب السياسي في معالجة قضية أكاديمية محضة أو التعاطي مع تمظهرات الطائفي وقيمه..فآليات العمل الأكاديمي غيرها في السياسة. ومسألة إقرار موضوع لبحث أكاديمي بمستوى الدكتوراه تتطلب أمورا إجرائية محددة بقانون.. ونحن عندما نتحدث عن خرق أو اعتداء يتعرض له باحث أو آخر فوسائلنا لوقف ذلك يجب أن تكون أكاديمية ترفض الآليات الغريبة على ما هو جامعي أكاديمي...أما أن يتحدث متخندق مع [الطائفي] س ضد متخندق مع [الطائفي] ش أو العكس فالأمر سيّان واختلاف مكان التخندق لا يلغي تساويهما في جوهر الموقف؛ الطائفي من جهة والمسيّس لصالح زعماء الطائفية وسياساتهم الانتهازية المعادية ليس للجامعة وآليات عملها حسب بل للإنسان وحقوقه كافة...وفي إطار العمل والدرس العلمي والبحث الأكاديمي يمكن أن تقع أخطاء أو هفوات للفرد الباحث أو للمشرف عليه أو لكليهما الأمر الذي احتاطت له الجامعة (في تجربتها عالميا) بلجان تقويم موسعة منعا لمثل هذي الحال أو لاحتمالات الفساد أو النقص والمثلبة...وما قد يبرر مثل هذه الثغرات أو يكون سببا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram