لطفية الدليميلاتستغني الشعوب الحية عن الثقافة مهما بلغت درجة فقرها وعوزها في هذا العصر الاستهلاكي الذي يعيش ثلاثة أرباع سكانه في حالة فقر و عوز، بينما يتمتع اقل من ربع السكان بالرفاه ووسائل الاتصال الحديثة والكتب والتلفزة وتتوفر لأطفالهم مدارس حديثة ومكتبات وحواسيب وآلات موسيقية ونواد رياضية –وتعتبر المكتبات وقراءة الكتب في بلدان فقيرة ومبتلاة بالعنف والاضطرابات - نوعا من رفاه يتعذر الحصول عليه –
وهذا مايحصل غالبا في أريافنا الفقيرة المهملة وقرانا البائسة، لكن الشعوب الحية تحظى- بأشخاص نبلاء من بين الملايين يكرسون حياتهم لخدمة الثقافة والإنسانية ومثل هؤلاء الإبطال المجهولين لم يقفوا عاجزين أمام قلة الإمكانات المادية والوسائل التعليمية المألوفة - فابتكروا مكتبات متنقلة تعتمد على استخدام الحيوانات الأليفة المتوفرة في بلدانهم الفقيرة.المدرس الكولومبي لويس سوريانو خطرت له فكرة تقديم خدمة المكتبة المتنقلة لأطفال القرى النائية في كولومبيا البلد الفقير الذي تنخر مفاصله تجارة المخدرات والعنف فكان أن اشترى حمارا من إحدى القرى وجمع عشرات الكتب التعليمية المصورة وحملها على حماره مع منضدة مطوية وشرع يجوب الأرياف لأربع ساعات يوميا فيتجمع حوله الصغار وينزل حمولته الثمينة ليعرضها أمامهم ويعيرهم كتبا يقرأونها ليعود إليهم في الأسبوع التالي بكتب جديدة ويسترجع ماتمت قراءته ولايكتفي بهذا بل يجلس وسط الصغار ويقرأ لهم الكتب بطريقة مشوقة ويساعدهم في واجباتهم البيتية جلوسا تحت الأشجار الوارفة أو على ضفة نهر.وقد سجل له احد المتحمسين للتجربة شريط فيديو وضعه على الانترنيت فتبرع له الكثيرون بالأموال والكتب وأقام مكتبة مزودة بآلاف الكتب في إحدى المدن لكنه ظل يواصل جولاته في الأرياف ليثقف بني وطنه متطوعا غير مدفوع بربح أو تجارة.يقول سوريانو) يتعلم الأطفال وذووهم أشياء كثيرة خلال حواراتي معهم فنحارب بهذه الطريقة جهل المزارعين ويتعرفون على حقوقهم والتزاماتهم وصحتهم وبالقراءة نجنب الأطفال الانخراط في العنف وعصابات المخدرات، فيتعرفون على مدن وثقافات وآفاق لم يسمعوا بها )، وعندما يصل سوريانو إلى إحدى القرى يبتهج الأطفال وكأنهم في عيد يركضون وراء سوريانو معبرين عن فرحهم بالغناء وبنجاح التجربة اشتهرت مكتبة الحمار المتنقلة فأسهم سوريانو بمفرده في نشر التنوير والعلم بين الأجيال الجديدة في الأصقاع النائية المهملة من قبل الدولة. وفي بلد فقير آخر مثل البيرو يستخدم مروجو الثقافة المتطوعون الدراجات النارية التي تجوب القرى والجبال لإعارة الكتب أو إهدائها من قبل المتبرعين، بينما يعمد نشطاء الخدمات الثقافية في( كينيا ) الإفريقية إلى استخدام الجمال لحمل الكتب وإعارتها في التجمعات السكانية وسط الصحارى والمناطق الاستوائية في الغابات، واستخدمت ( تايلاند) الفيلة على نطاق واسع كمكتبات متنقلة توزع العلم والثقافة بين الأطفال المحرومين في المناطق التي لاتصلها الخدمات الثقافية وخدمات الانترنيت، وشاعت مكتبات الحمار في بلدان لاتينية وإفريقية، ففي( أثيوبيا ) قام اتو يوهانس بتصميم عربة مكتبة يجرها الحمار ونشر عنوان طوارئ ليتصل به من يحتاج إلى الكتب وعندما يصل إلى قرية يتنافس الصغار والكبار لاقتناء الكتب أو استعارتها.أما في العراق البلد الغني بموارده ونفطه وتاريخه الثقافي وتصريحات ساسته الرنانة عن موارد النفط الهائلة –فلاتوجد أية خدمات مكتبية للأطفال - وكانت هناك مكتبة طفل يتيمة جرى تدميرها خلال احتلال بغداد ولم تفكر جهة ثقافية أو تربوية بتأسيس مكتبات صغيرة لتحفيز الأطفال واليافعين على القراءة واقتناء الكتب.
مقالات واعمدة ارشيفقناديل: تجارب ثقافية لشعوب فقيرة..مكتبات متنقّلة على ظهور الفيلة والجمال والحمير!
قناديل: تجارب ثقافية لشعوب فقيرة..مكتبات متنقّلة على ظهور الفيلة والجمال والحمير!
نشر في: 15 أكتوبر, 2011: 06:01 م