اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > عَصْف القنابل والمفخخات.. بعد سنوات.. الحالُ هو الحال

عَصْف القنابل والمفخخات.. بعد سنوات.. الحالُ هو الحال

نشر في: 15 أكتوبر, 2011: 06:13 م

 بغداد/ وائل نعمةكانت حاملاً في شهرها السابع، حينما أفاقت وهي على فراشٍ أبيضَ في أحد المستشفيات، ومن حولها نساء يتقلّبن على الأسرّة يميناً ويساراً، ويصدرن أصواتاً أشبه بعواء الذئاب  من شدة  الوجع، وأشباح الممرضات تمر دون أن يكترثن بحالتهن.
 قبضت على يد خشنة، كبحت فراملها واستدارت إليها وعيناها شاحبتان،سألت بشدة "ماذا تريدين "؟. قالت: " أين طفلتي ". الممرضة: " إنها في الخدج، فقد ولدت غير كاملة النمو".  قبل يوم من الولادة هرولت ( منى ) مسرعة إلى الشارع العام في منطقة بغداد الجديدة، بعد أن هزَّ  انفجار منزلهم،تركت ما كانت تفعله بالبيت وأطفالها الصغار، لتطمئن على زوجها الذي يفترش الرصيف، يبيع بعض الأشياء المنزلية. عند وصولها لم تجد مكان (البسطيّة ) ولا زوجها، صندوقه الخشبي تبعثـر في أرجاء المكان،دفعه الانفجار الى أبعد نقطة من الرصيف.  دارت حول نفسها وصدمتها جموع الناس الهاربة، والأخرى المتجهة إلى مكان الحادث"أين زوجي ؟"، لا تدري ماذا تفعل، فتّشت في زوايا المكان، فعثـرت على بعض الأشياء البلاستيكية التي كان يبيعها، فأدركت بان الانفجار قد عصف بأغراضه وربما أزهق روحه.توسلت بالشرطة أن يرشدونها إلى شيء ما، حتى أشار احدهم بإصبعه المبتل بالدماء إلى البحث في إحدى سيارات الجيش التي ترفع الجرحى والقتلى لان سيارات الإسعاف لم تعد تستوعب أشلاء الجثث!. أسرعت إلى العجلة الزرقاء وقد تسمّرت في مكانها. سكتت وكفت عن الصراخ، حاولت أن تمد يدها لتغلق عينيه المفتوحتين من هول الانفجار، لكن أيدي القوات الأمنية كانت أسرع بالوصول إليها وإبعادها عن المكان. الحكاية انتهت، زوجها قتل ولم يعد له وجود، وهي وحيدة في مستشفى وحولها أطفالها الثلاثة والرابع في حضانة الخدج، كيف ستدبر أمورها بعد ذلك الحادث؟!!rnلحظة لن تنتهي!يخطأ من يعتقد أن الانفجار لحظة وتمر، انه ليس صوتاً مدوياً يهز البشر والشجر والحجر ويسكت، انه يمزق صدور نساء لطمن لسنوات، ورجال فقدوا أبناءهم وأعزاءهم، ضحايا علقت صورهم في المنازل موشحة بالشريط الأسود، تركت وراء الجدران أطفالاً يتامى وشابات أرامل، ومجتمعا قاسيا ينظر بعين القاتل لا المقتول."انه لا يعرف متى أو أين سيكون الأمر، الصعود إلى سيارة مفخخة أو حزام على سترة مليئة بالمتفجرات لكنه يتوق للحظة قادمة، بينما كان ينتظرها بتعطش كبير". يقول احد الإرهابيين في مقابلة أجريت معه من قبل إحدى الصحف الغربية:" اقضي معظم وقتي  في التمرين، أسأل الله أن يبارك مهمتي مع نسبة عالية من الإصابات في صفوف الأميركيين".  يتحدث بهدوء وبرود قاتل، وكأنه يملي علينا قائمة التسوق. في صباح 14/7 من عام 2005، تجمع مئات الأطفال أمام حفل افتتاح مشروع ماء في منطقة النعيرية، حلوى وزينة في المكان. حتى باغتهم الإرهابي الذي تمنى أن يقتل "الأميركان " بحصد أرواحهم قبل أن يبلل الماء ريقهم بعد حلاوة اللعب. شهدت المنطقة اكبر مذبحة للأطفال من نوعها، راح ضحيتها نحو 100 شخص بين قتيل وجريح معظمهم من الاطفال حصدهم هجوم انتحاري بسيارة مفخخة استهدف دورية عسكرية أميركية في المكان. وبحسب احد شهود العيان في مكان الانفجار فإن قوة أميركية حضرت إلى المكان ودعت المتجمعين هناك الى الانصراف لوجود معلومات عن سيارة مفخخة، وقال إن " الجنود الأميركيين قطعوا الشارع وطلبوا من الناس عدم التجمع والتوجه الى بيوتهم". وأضاف "لكن أحدا لم يلتفت للتحذيرات، وتجمع عدد من الصبية بالقرب من الجنود الأميركيين الذين بادروا بدورهم إلى إعطائهم حلويات".وتابع الشاهد "في هذه الأثناء جاءت سيارة مسرعة من احد الشوارع الفرعية وفجّر الشخص الذي بداخلها نفسه وسط الجموع". جميع القتلى والجرحى من الأطفال ومنهم من فقد رأسه وأطرافه ومنهم من تفحم ومنهم من أصيب بجروح بليغة. بعد مرور أكثر من ست سنوات، أين وصل الحال بالعوائل الشهداء؟ يقول  حسن محمد وهو ينظر إلى صورة ابنه علاء(13 عاما)  الموضوعة بعناية على طاولة خشبية قديمة في احد أركان غرفة المعيشة:" لم نحصل على التعويض بسبب الإجراءات الروتينية، وزارنا الكثير من وسائل الإعلام ". إلام التي رضت بالأسود لونا دائما لحياتها، عيناها زائغة وهي تتحدث عن ما بعد الفاجعة بسنوات " احتفظ بملابسته، اغسلها واكويها كل فترة، ما زلت أشم رائحته، هذه حياتنا بعد علاء". يتساءل الاب "لماذا يقتلون أبناءنا الأبرياء، ما الذنب الذي اقترفوه لتقطع أوصالهم بهذه الطريقة الوحشية البشعة؟!، مضيفاً أن "الأميركيين لم يفقدوا سوى سيارة هامفي في الانفجار  لكننا فقدنا العشرات من أطفالنا وفلذات أكبادنا".قبل ثلاث سنوات استطاعت "المدى" أن تلتقي بأحد الإرهابيين الموقوفين في مديرية الجرائم الكبرى في بغداد، الإرهابي إسماعيل عبد الستار الملقب بـ"المفتي الأعمى " لأنه ضرير،وخطيب منطقة جنوب بغداد، أكد أن العمليات (الإرهاب

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram