عالية طالبلماذا يصر رئيس مجلس النواب على إحباطنا كلما صرح للإعلام من خارج العراق، وقد يصل الأمر بنا إلى ذات مستوى الإحباط حين يصرح من خارج بغداد ! ولماذا يختلف التصريح أمام المايكروفون الجغرافي لدى المسؤولين ليصبح أحيانا مذهبيا وأخرى قوميا وثالثة عرقيا ورابعة إقليميا وخامسة اثنيا، والى آخر التعداد الذي ابتلي العراق به دون أن تجعلنا تلك التصريحات نقترب من المفهوم المقدس لمعنى المواطنة التي مازلنا نبحث عنها لدى اغلب تصريحات المسؤولين العراقيين .
لماذا يحبطنا السيد " النجيفي" ويبشرنا بإقليم جغرافي للسنة لأنهم يشعرون بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية حسب قوله لقناة "بي بي سي " ، وهل المذهب السني لا يشعر بأنه متميز إلا ان قبل بالتقسيم الجغرافي ؟ وهل سيتطلب هذه الإقليم إن يرحل من يعنينهم الأمر من محافظات الجنوب وبغداد والفرات الأوسط إليه ؟ وكيف سيستقيم الحال بالأخوال والعمومة الذين تناسلوا عبر آلاف السنين من بلد واحد اسمه العراق تداخل فيه السني والشيعي وتلاصقوا في كل بقاع العراق دون أن يفكروا يوما بأن عليهم أن يحملوا تأشيرات مذهب تجيز لهم الانتقال من مكان إلى آخر ليس بحثا وراء العشب والماء بل بحثا وراء الهوية المذهبية ؟ سؤال بات يؤرق اغلب العراقيين منذ أزيحت عن عقولنا فكرة المواطن " إلف" والمواطن " ياء" التي كنا نشعر بها أيام النظام السابق حين كان كل العراقيين " ياء" أمام مواطني القيادة وموظفيها ومسؤوليها ، هذا السؤال المؤرق يقول لماذا نعاود تقسيم أنفسنا على درجات وهمية فيما نحن كلنا متساوون إمام الدستور والقانون ؟ ولماذا نعمل على تشتيت عراقيتنا والتصريح بأننا درجات متباينة في الاهتمام والرعاية فيما نحن كلنا مشاركون مشتركون في عملية سياسية مر عليها ثماني سنوات وتبوأ فيها الجميع شراكة المناصب والقرارات والمسؤوليات ومعها تردي الخدمات وغياب الاستثمارات وانتشار الفساد وتصاعد المحسوبيات وهروب العقول العراقية المتميزة وازدياد شتاتنا في كل بلدان العالم التي باتت ترفضنا وكأننا تركة ثقيلة لمعنى مواطنة لن تنتهي لعنتها أبدا .من عليه ان يشعر بالأسى والإحباط ، الشعب أم المسؤول ؟ ومن عليه ان يتحمل مسؤولية التهميش إن كان حاصلا فعليا للمشاركين في العملية السياسية والمندرجين تحت بند الامتيازات والاستحقاقات والترف الفنطازي، الذي يجعلنا كمواطنين نشعر بأننا محبطون ويائسون ومندحرون ومستلبون وباقون في آخر تعداد القائمة ، لأننا قبلنا أن نساهم بإشراك الجميع في المناصب التي لم يفعلوا بها شيئا مجزيا لنا بقدر ما ضخموا ثرواتهم واستثماراتهم وعقودهم الآجلة والمستحقة في حصة العراق الغائب عنا بمنافعه والحاضر فينا بمحبتنا له والتي دفعنا من اجلها الكثير فقط لنحافظ على وحدتنا وانتمائنا وكرامتنا وعراقيتنا .ترى هل هي عدوى فدرالية أصابت العراق بسبب إقليم كردستان الذي يتمتع بخصوصيته الجغرافية والتاريخية والقومية والعرقية واللغوية والنضالية التي ساهمت في إيجاده دون ان يفكر بأنه مواطن يخضع لتقسيم الدرجات الرخترية !!!
وقفة: "النجيفي" وتقسيمات الإحباط
نشر في: 15 أكتوبر, 2011: 09:10 م