اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > رؤية أولية لمستقبل الثقافة فـي العراق

رؤية أولية لمستقبل الثقافة فـي العراق

نشر في: 17 أكتوبر, 2011: 05:13 م

لطفية الدليميقبل الدخول في موضوعة الرؤية المستقبلية للثقافة ، أود أن أقدم هنا  معطيات بحثية استقيتها من تقرير مؤسسة الفكر العربي الخاص بواقع الثقافة العربية الذي يكشف عن خطر التدهور،الذي يتهدد الثقافة  راهنا بدلالة بعض الأرقام من واقع الأوضاع التعليمية والثقافية،
 فمعدل الالتحاق بالتعليم في الدول العربية والعراق من ضمنها - لا يتجاوز نسبة 21,8% بينما يصل في كوريا الجنوبية إلى 91% وفي استراليا إلى 72% وفي إسرائيل 58%، نسب مخيفة تدلل على تدهور الأوضاع التعليمية التي نستقي من خلالها المؤشرات والنذر عن احتمال انقراض الثقافة العربية وتلاشي بعض مفرداتها.ويمثل خلل اللغة العربية الآن مرضا مرتبطا بضيق هامش حرية التفكير والتعبير إلى جانب طغيان اللهجات العامية أو القريبة للعامية في وسائل الإعلام والأعمال الدرامية، قد يفضي إلى انحساراللغة الفصحى في غضون عقود قليلة وإلى موت اللغة إذا استمرت وتائر التراجع بهذه الصورة الخطيرة، وبموت اللغة -وهي وعاء الثقافة - تتراجع الثقافة وتضمر أمام تحديات الثقافات الحية التي تنافسها بطرائق ووسائل شتى..مؤشرات خطيرة أخرى تخبرنا أن هناك كتابا واحدا يصدر لكل 12 ألف مواطن عربي بينما يصدر كتاب لكل 500 مواطن انكليزي وكتاب لكل 900 ألماني بمعنى أن معدلات القراءة في بلداننا لا تتخطى نسبة 4% من معدل القراء في بريطانيا.ليست أزمة الثقافة في منطقتنا  غير نتاج تراكمي لتقييد الحريات وسوء الأوضاع التعليمية ونظمها البالية وتخبط السياسات الاقتصادية القائمة على الاستهلاك والرفاه المفرط من جانب والفقر والجوع والأمية الثقافية وليس القرائية وفك الخط  -من جانب آخر، وتخصيص ميزانيات خرافية للتسلح، وانشغال النظم السياسية والأحزاب والتكتلات حتى الثقافية منها بالحفاظ على مواقعها في السلطة، عبر نضال مستميت ودموي أحيانا- دون تقديم مشاريع تنموية أو اقتراح رؤى مستقبلية لدعم التعليم والثقافة التي يعدها بعض السياسيين - شأنا ثانويا لا علاقة له بالنمو الاجتماعي والاستقرار السياسي ونجاح الإدارات الحكومية وسيادة الأوطان.وتكمن أسباب الخلل الثقافي  بالدرجة الأولى في تحجر النظم التعليمية العتيقة والتربية البيتية القائمة على إعلاء شأن الطاعة قبل أن يتأسس الوعي ومصادرة روح المبادرة لتحل الأوامر القاطعة محلها، وتعتمد هذه النظم مبدأ التلقين والحفظ دون الاحتكام إلى تحفيز العقل وإثارة الأسئلة، فنحن نخرّج من مدارسنا أجيالا مذعنة مطيعة وطيعة ومقولبة يسهل قيادها وتدجينها مما يعزز الاستبداد ويحجم العقول ويحرم الاختلاف الذي يعد شرطا لازدهار أية ثقافة.وتنعدم لدى الأجيال المدجنة أية قدرة على النقد لأنها كيّفت على أساس وجود حقيقة مطلقة من منظور واحد رسمي أو أيديولوجي لا يبيح مناقشتها أو طرح التساؤلات بشأنها باعتبارها أقانيم مقدسة  يحرم  المساس بها .أما النظم التعليمية المتقدمة في عالمنا المعاصر فإنها لا تقدم للطلاب وجهة نظر واحدة في شأن من الشؤون بل تطلعهم على وجهات نظر متباينة ولهم أن يبحثوا ويتساءلوا ويستنتجوا ليختاروا ما يمثل قناعتهم الشخصية ويعزز قدرتهم على الابتكار والإبداع وبذلك ينشأ الفرد حر الخيارات بعيدا عن قسر التلقين والإرغام، و يجترح له رؤى خاصة وتصورات عقلانية عن الإنسان والتاريخ والحاضر، مما يتيح له ولوج المستقبل كعنصر مثقف وواع لمتطلبات الزمن القادم وواثق من اتخاذ القرارات الصائبة الى حد كبير  ،لذا يصعب الحديث عن رؤى  مستقبلية في ظل نظمنا التعليمية البائسة ،التي ترفدها  الثقافة الشعبية المهيمنة بمبررات  وأسانيد  تعزز تسلطها  وانفرادها  بوجهة نظر  مهيأة مسبقا  حول الإنسان و تدجينه وطاعته  و استلابه ،وتزودها بمفردات موروثة عن الطاعة  وتحريم الشك والسؤال  وقداسة  المعطيات  المكرسة في الوعي الجمعي ..إمكانات  النهوض الثقافيوبالرغم  من هذه المعوقات الأساسية  بوسعنا افتراض إمكانية نهوض ثقافي  مع توفر شروط النهوض التي تتحدد بنقطتين أساسيتين –*-  وعي المثقف  بالمتغيرات الحاصلة في الأفق العالمي واستيعابها والاستجابة لها والانفتاح  عليها كونه  جزءاً من هذا العالم  وابنا للعصر مثلما هو ابن  لمجتمعه وخصوصيات ثقافته.*- احترام كرامة الإنسان وخصوصياته الثقافية التي تعد هوية الوجود الحق للبشرية  وتنطوي مفردة الكرامة على  :النقاط  الآتية :  1-حق المواطنة لكل إنسان في وطنه دون تمييز أو اضطهاد .2- حق العيش أينما كان في وطنه  بكرامة ومساواة دون تحديد لخياراته بفصل عرقي أو طائفي.3-حق الاختيار الحر  لنمط الحياة والعلاقات الإنسانية والمعتقد دون تدخل أو إكراه أو إرغام..4-  حق الحصول على المعرفة من مصادر مختلفة  ..5-  التفاعل مع الثقافات الإنسانية  ونتاجها &am

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بسبب الحروب.. الأمن الغذائي العالمي على حافة الهاوية

اعتقال "داعشي" في العامرية

التخطيط تبين أنواع المسافرين العراقيين وتؤكد: من الصعب شمول "الدائميين" منهم بتعداد 2024

هروب امرأة من سجن الاصلاح في السليمانية

وفاة نائب عراقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram