إحسان شمران الياسري في المؤسسات الكبيرة، يتصرف الناس على أساس انطباعاتهم عن مؤسستهم في النظر إلى اعتباراتهم وأهميتهم.. فهذا يعمل في شركة (متسوبيشي)، يعني انه يملك ربع اقتصاد اليابان، ولا فرق إن كان مدير هذه الشركة أو ساقي الأزهار في حدائقها.. المهم انه يحمل بطاقة تعريف شركة كبيرة ينظر العالم إلى نجاحها وعنفوانها بانبهار وذهول..
وهذه الشركة بالنسبة لي مجرد مثال، فربما تحّول الاهتمام إلى مؤسسات أخرى حالياَ.. وانطباع العاملين في المؤسسة يمثل جانباَ من جوانب قوتها، وَيُراكم في قوة أسهمها الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية. وينطبق الحال على المؤسسات العامة، فهذا يفخر بمؤسسته، وذاك يخجل أن ينتسب إليها..فالعاملون في وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) ظلوا يتفاخرون بانجازات هذه الوكالة والرجال العاملين فيها. ويزداد فخرهم عندما يبدأ العد التنازلي لإطلاق المركبات الفضائية المأهولة (المكوكات)، وتنحبس الأنفاس عندما ينطلق الدخان الأبيض من تحت الصاروخ الهائل الذي يحمل المركبة والصواريخ المساعدة إيذانا ببدء الثواني الأخيرة للانطلاق.. ولم ينحنِ علماء (ناسا) عند انفجار مكوك (شالنجر) عام 1986 وتفتته في الفضاء، ذلك أنهم كانوا، رغم الصدمة التي أصابتهم وأصابت العالم، واثقين بأن المكوك التالي سيُزيل سواد الكارثة وحزنها، وستبقى البشرية بواسطة هذا المشروع العظيم، تفتح آفاق الكون الفسيح.ولم يخجل العاملون في شركة (تويوتا) العملاقة عندما ظهرت العيوب الكبيرة في نظام التوقف أو التعليق في سياراتها، ولم يخجلوا أو ييأسوا عندما سحبت الشركة ملايين السيارات إلى مصانعها لغرض إصلاحها.. فلقد كان البحث عن النتائج هو رائد العاملين.. وفي بلادنا، لم أحض بالكثيرين الذين ينظرون بفخر إلى دولتهم والى مؤسساتهم.. وهم يخلطون بشكل عجيب بين الأشياء، فينقمون من مؤسستهم لأن عزيزاَ لهم طالته يد الإرهاب، وينتقمون من العاملين معهم لأن قراراَ عاماَ صدر بقطع احد الجسور وغيّر مسار السيارات، فأدى ذلك إلى تعطيل وصولهم للعمل.ويحاولون تأخير معاملات الناس لمجرد أن رئيس العمل عاقب أو قطع ميزة بسبب تقصير واضح منهم.الذين يتباهون بمؤسساتهم اقل من اللامبالين بها.. والذين يتباهون بدولتهم وخيراتها وتاريخها وإرثها المجيد اقل من أولئك الذين يسيرون في الطرقات فيلعنون الدولة والحكومة والرموز والساسة والفرات ودجلة والبصرة والموصل وأهل السياسة والفكر..والذين يقولون إننا فخورون أن نعمل في المؤسسة الفلانية ويُعددون مزاياها ومكانتها ودورها في حياتنا اقل بكثير من الذين يرون أنفسهم ذوي فضل علينا وعلى البلاد والعباد. والذين يظهرون ميلاَ، بلا مبرر، للحط من قدر مؤسستهم ووظيفتها ودورها وحاضرها ومستقبلها، ويقولون أشياء أخرى لاتليق بهم، أكثر من الذين يقولون (يكفينا فخراَ أننا في هذه المؤسسة).بالنهاية، نحن بحاجة لتمجيد دولتنا وخيراتنا وأصدقائنا وأهلنا والمؤسسات التي نعمل فيها.. فلولا دولتنا وأهلنا ومؤسساتنا وأصدقاؤنا، لما كانت لنا قيمة.. ولما صرنا مدراء ووزراء ونواب وشرطة وأصحاب معامل، وفنانين ونحاتين ومغنين.. ومن يترفع عن اسم العراق وعن مؤسسته وأمه ودولته لا قيمة له حتى لو كان ماكان.. وسوف تبرأ الأمة منا إذ تجدنا جاحدين.. علينا أن نتقن أدوارنا في الحياة ونؤدي وظائفنا و(نكتب دروسنا)، فليس ثمة من يؤدي أو يكتب بدلنا.
على هامش الصراحة :عن مؤسّساتنا وأدوارنا
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 17 أكتوبر, 2011: 06:16 م