حازم مبيضين في ظل التجاذبات الراهنة في العالم العربي, لم يكن منتظراً من اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة الأحد, أكثر من دعوة الحكومة السورية والمعارضة إلى حوار برعاية الجامعة, وبمقر إقامتها في القاهرة خلال أسبوعين, ذلك أن أجواء التوتر التي خيّمت على اللقاءات الجانبية قبل الاجتماع, والجدل الساخن بين فريقين, يساند أحدهما النظام السوري,
ويتشكل من الجزائر ولبنان والسودان وموريتانيا واليمن, ورفض هذه المجموعة لمطلب تبني قرار بتجميد عضوية سورية في الجامعة, والاعتراف بالمجلس الوطني السوري المعارض, دفع إلى بيان يؤكد حرص الجامعة على إستقرار سورية, وتجنيبها الدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي.غير أن البيان اشتمل على لغة حادة, عند الحديث عن التردي الذي وصلته الأزمة السورية في الآونة الأخيرة, مع تصاعد عمليات العنف في البلاد, والإفراط في قمع المحتجين, ووقوع مواجهات عسكرية بعد انشقاق عناصر من الجيش السوري, الأمر الذي قد يقود إلى نشوب حرب أهلية قد تأخذ شكلاً طائفياً. ومعروف أن العديد من الوزراء العرب, كانوا يريدون تنسيق المواقف ووجهات النظر, للتوصل إلى موقف عربي شبه موحد, مع تأكيدهم جميعاً تأييدهم لوضع حد لاراقة الدماء, ولكن مع اختلافهم بشأن سُبل ضمان ذلك, وفي هذا الإطار وبعد مناقشة تعليق عضوية سورية, والاعتراف بالمجلس الوطني المعارض، اعتبر مجلس الجامعة أن من الضروري إعطاء فرصة لمحاولات أمين عام الجامعة, تأمين تنفيذ الإصلاحات المطلوبة والضرورية, في أسرع وقت.وإذا كان كل وزراء الخارجية وافقوا على البيان الختامي, فإن المندوب السوري تحفـّظ عليه بعد أن كان اعتبر في كلمته لدى بدء الإجتماع, أن توقيت الدعوة لعقد هذا الاجتماع غريب ومريب, وأكد بشكل موارب, أن الدعوة إليه مرتبطة بفشل تحرك أميركا وأوروبا ضد بلاده، وبديهي هنا أن ترفض دمشق التعاطي مع اللجنة العربية الوزارية, برئاسة وزير خارجية قطر, وعضوية وزراء خارجية الجزائر والسودان وسلطنة عُمان ومصر, والأمين العام للجامعة العربية, والمكلفة بمهمة الاتصال بالقيادة السورية, ( لوقف كافة أعمال العنف والاقتتال, ورفع كل المظاهر العسكرية, وبدء الحوار بين الحكومة السورية وأطراف المعارضة, لتنفيذ الإصلاحات السياسية, التي تلبي طموحات الشعب السوري ).دعوة بيان الجامعة إلى الوقف الفوري لأعمال العنف والتخلي عن المعالجة الأمنية, تفادياً لسقوط المزيد من الضحايا, والانجراف نحو اندلاع صراع بين مكونات الشعب السوري, وحفاظاً على السلم الأهلي, وحماية المدنيين ووحدة نسيج المجتمع السوري, وهي موجهة للنظام من دون سواه, تعني حكماً أن دمشق لن تتعاطى معه بإيجابية, ولن تكون مهلة الأسبوعين لبدء الحوار مع المعارضة ذات قيمة, وبمعنى أن مجلس الجامعة في اجتماعه القادم سيتخذ قرارات تصعيدية, قد يكون من بينها طرح أفكار بشأن التدخل الدولي, على غرار موافقته على فرض حظر جوي على ليبيا, والمطالبة بتوفير الحماية للشعب السوري, وهو يعني تزايد عزلة النظام السوري وربما تزايد حدته في الرد على معارضيه.بالنتيجة فان مجلس الجامعة أعطى لدمشق مهلة أسبوعين لمراجعة موقفها, غير أن ما تبدى من ردود فعل أولية, لا يبشر بأن القيادة السورية ستتعاطى بإيجابية مع الطرح العربي, فهل يعني ذلك أن الدول التي وقفت بجانبها هذه المرة, ستتراجع لتؤيد بياناً أشد قسوة وأكثر حزماً وهو ما تتمناه المعارضة السورية, ولا نظن أن دمشق الرسمية ترغب بالوصول إليه؟
في الحدث :الجامعة العربية وسوريا.. الحسم المؤجـل
نشر في: 17 أكتوبر, 2011: 07:40 م