عبد الخالق كيطانبدأ الإعلام العراقي يصف السيّد علي الشلاه بـ"المقرب من رئيس الوزراء"، ومثل هذه الجملة تعني في عراق اليوم الشيء الكثير، خاصة بالنسبة لمنصب بدأ يصبح شيئاً فشيئاً مغلقاً على مجموعة معيّنة من "المقرّبين" الذين يقودون البلد ويخطّطون لسياساته برمتها.
ولأن السيّد الشلاه "مقرّب" اليوم من رئيس الوزراء تصبح تصريحاته الصحافية، وما أكثرها، تمثل بشكل أو بآخر، تصوّرات مكتب رئيس الوزراء. وآخر هذه التصريحات ما خصّ الموقف، موقف كتلة دولة القانون الحاكمة، من السيّد سليم الجبوري، عضو البرلمان العراقي.السيّد الجبوري، المعروف باتزانه في إطلاق التصريحات، وخاصة إبان الحرب الطائفية، لم يقل كفراً عندما وجّه نقداً إلى ائتلاف دولة القانون. فهذا الائتلاف يقود العراق اليوم، وهو، شاء أو أبى، معرّض لسهام النقد من مختلف الأحزاب، ومن الإعلام، ومن الكتل المشاركة في العملية السياسية وغير المشاركة أيضاً. بقبول دولة القانون أن تتصدى لقيادة البلد فإنها قبلت ضمناً بأنها ستكون في مركز الضوء، ما يعني أن النقد سيوجه إليها في كل صغيرة وكبيرة. ولو تصدّت أي كتلة أخرى للسلطة في العراق فإنها ستلاقي الوضع ذاته، فما الجديد حتى تثور ثائرة السيد علي الشلاه، المقرّب من رئيس الوزراء، ويطالب بإدخال السيد الجبوري في قفص المجرمين؟وما الذي قاله السيّد سليم الجبوري ليستحق أن يشمل بـ4 إرهاب التي يهددوننا بها؟ تعالوا نقرأ تصريحات الجبوري: "عدّ السيد سليم الجبوري ائتلاف دولة القانون بأنه نكث بالالتزامات التي تعهد بتنفيذها، فيما وصف البرلمان الحالي بأنه وكأن فيه عقم تشريعي وليس هناك إلا 40 حكما تشريعيا لا يكاد يذكر في أهميته، كما ذكر أن تحالف الوسط سيقف ضد الإرهاب وضد الإجرام والفاسدين والدكتاتورية وما آمن به، سيمضي فيه كسبيل يشعر به لخلاص البلد وإنقاذه ممّا فيه اليوم من مصائب ومشاكل للأسف عجز البعض عن تلبيتها رغم انه في كتلة كبيرة وبرغم أن المناصب السياسية والسيادية أوسدت إليه"...ومن وجهة نظر شخصية محض، لا أرى في هذه التصريحات ما يستوجب أن تثور ثائرة المقربين من السيد رئيس الوزراء ليخرج علينا أحدهم بتهديدات صريحة لنائب في البرلمان يحظى بسمعة طيبة في الأوساط السياسية، وهو يرأس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، ولا أدري كيف سمح هذا البرلمان، ويملك ائتلاف دولة القانون فيه عدداً كبيراً من الأصوات، لمتهم بـ"الإرهاب" بأن يقود مثل هذه اللجنة المهمة والحساسة، أم أن الأمر لا يعدو كونه "صفقة" أخرى "خربت" مثل غيرها من صفقات؟ نقول "خربت" حتى لا نقول "نكث العهد" بلغة الجبوري فنتعرض لما تعرض إليه. ولكن مهلاً، ألم يتحدث قادة كتل كبار باللغة ذاتها في الأسابيع الماضية؟ ارجعوا إلى تصريحات الزعماء: إياد علاوي، مسعود بارزاني، عمار الحكيم، عادل عبد المهدي، طارق الهاشمي، صالح المطلك، أسامة النجيفي، برهم صالح... الخ، وستجدون فيها جملاً كثيرة من هذا النوع، ومع ذلك، فإن السيّد الشلاه، المقرّب من السيّد رئيس الوزراء، لم يرفع صوته مهدداً هؤلاء القادة بـ 4 إرهاب.. لماذا؟وبعيداً عن منطق السيّد علي الشلاه، المقرّب من رئيس الوزراء، أقول بصدق: إن تصريحات السيّد سليم الجبوري هي محاولة جادة لإنارة الطريق لمن يعتقد أن دورة الزمان توقفت وإنه غنم ما يريده فلم يعد يستمع لنصح من شريك... أو ناقد.. أو حتى من عدوّ!
عين: ليس دفاعاً عن الجبوري
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 17 أكتوبر, 2011: 08:53 م