د.فالح الحمراني بعد مرور عشر سنوات على بدء عملية "الحرية الصامدة" لمكافحة الارهاب الذي وافق 7 تشرين الأول الحالي، لم تحقق قوات التحالف الدولي المتواجدة في افغانستان الاهداف المنشودة بتصفية اكبر بؤرة للارهاب بالعالم وبناء دولة افغانستان المتحضرة، بل ظهرت مؤشرات على حتمية عودة الطالبان للحكم.
وتخرج المنظمات الانسانية غير الحكومية بعد عشر سنوات من التدخل الغربي بنتائج غير مريحة عن حالة الوضع الانساني هناك حيث ينعدم الامن ويصعب الحصول على خدمات طبية ولاسيما في المناطق الريفية النائية ووجدَ آلاف المدنيين في هذه المرحلة الجديدة من الحرب المتواصلة منذ 30 عاما، مرة اخرى انفسهم بين نيران المعسكرين المتحاربين ، الشعوب دائما هي الضحية. وحين نجمل نتائج العشر سنوات لمرابطة قوات التحالف الدولي في افغانستان نرى صورة قاتمة بحق . فأولا: تحولت افغانستان الى المنتج الاول للمخدرات، حيث ان 93% من الانتاج يأتي من افغانستان.وثانيا : العملية العسكرية لم تصف بؤر الارهاب ولم تخلق القوات المرابطة الجو السياسي الملائم لاقامة نظام يلتف حوله الشعب الافغاني وهناك خطر فعلي بعودة الطالبان لحكم البلاد المنكوبة وارساء نظام ظلامي. ويمكن ان تتطور الاحداث نحو نشوء حالة سياسية مزدوجة بالمواجهة بين التحالف الشمالي والبشتون، ولكن من دون احمد شاه مسعود الذي لقي حتفه. والنتيجة الثالثة اشاعة التطرف في باكستان التي تجسّدت بدخول الاسلاميين المتشددين الى المحافظات المركزية، وظهور تشكيلات مثل طالبان البنجاب، والعمليات حول المنشآت النووية الباكستان. وتجمع القراءات على ان فراغا سياسيا سينشأ بعد خروج القوات الامريكية التي تلعب دورا رئيسيا (الاخرى لها حضور رمزي) ، ومن المرتقب ان تملأه القوى الاسلامية المتشددة ، وتحظى هذه القوى بدعم من باكستان التي تخطط لتكون قوة اقليمية نافذة في المنطقة بعد الانسحاب الامريكي. وتراهن مؤسسات القوة في باكستان الان على حركة "حقاني" والطالبان التقليديين، ويحاول الرئيس الافغاني حميد كرزاي بدوره الان العثور على قوة لمواجهة النفوذ الباكستاني، ويسعى لكسب الهند الى جانبه. وبهذا يمكن القول ان التحالف الدولي لم يتمكن من تغيير الوضع في افغانستان نحو الاحسن، ومن المنتظر تفاقم الوضع بين الهند وباكستان بعد خروج القوات الامريكية، وبين جمهوريات اسيا الوسطى والاسلاميين المتشددين، الذين سيأتون من الاراضي الافغانية. وبهذا تعود الامور الى المربع الاول في محاربة ما يسمى بالارهاب والتطرف.الدرس السوفياتيويجمع الجنرالات ورتب عسكرية اخرى الذين تعيّن عليهم المشاركة بالحرب في افغانستان،والمحللون العسكريون الروس وساسة من تلك الحقبة، على ان الفشل سيكون حليف اي تدخل عسكري في افغانستان لان سكان البلاد سيقفون ضده. وبعد مرور اكثر من 30 عاما على بداية الدخول السوفياتي في افغانستان يراقب الروس اليوم باهتمام وحذر الحرب الجارية هناك وتحركات قوات التحالف، ويعربون عن الثقة ان الجيوش عاجزة عن السيطرة على شعب باسره، وان الفشل حليف اية محاولة من هذاالنوع، لذلك ينبغي على القوى التي تقف اليوم وراء الحرب بافغانستان ان تتراجع، وان التعاطي مع السكان والعمل على تغيير الايدلوجيات البالية والظلامية وتحسين الحالة الاقتصادية، هو الطريق الذي يقود الى النصر .لقد اصبح معروفا اليوم ان المصالح الجيوسياسية والمخاوف من خطط الغرب كانت وراء قرار الكرملين حينها بدفع القوات السوفياتية لغزو افغانستان. ومازال هناك من يعتقد حتى الان ان خيار الدخول كان القرار الذي لا بديل له بالنسبة لموسكو. ويذهبون لو ان السوفيات لم ينشروا قواتهم بافغانستان لسارعت القوات الامريكية لاحتلالها. ويشير البعض الاخر الى ان الحدود التي كانت تربط الاتحاد السوفياتي السابق بافغانستان امتدت لـ 300 كم وكان من الجنون السماح لواشنطن القبض على كفة الامور هناك، وكانت الامور ستتطور على هذه الشاكلة لو ان موسكو لم تتخذ اية خطوات وتسارع بالغزو الذي استمر عشر سنوات واسفر عن قتل واصابة عشرات الآلاف ، ولكن هناك اجماعاً على ان الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة ساعدا على ولادة الارهاب في افغانستان، وكلاهما الان يجني الثمار. ان المشكلة الان تكمن في ان جيلا افغانيا باسره من الشباب ترعوع في ظل ظروف الحرب، انهم لا يتقنون الان شيئا غير فن الحرب، والافضع من كل ذلك انهم اعتادوا على ذلك و لا يرغبون بالبحث عن نمط آخر للحياة. وثمة توقعات قوية بموسكو بان هذه الوقائع سترغم قوات الناتو على الخروج وان حكومة قرضاي ستصمد لفترة اقل من صمود حكومة نجيب الله التي تركتها موسكو/ غورباتشوف بعد انسحابها لمواجهة قدرها وقوى الاسلاميين المدعومة من الغرب وقوى اقليمية. والوقت مازال كافيا بعد لإعادة النظر في السيناريوهات القديمة والتفكير بطريقة جديدة تقوم على اشراك الشعب الافغاني بتقرير مصيره واستمالته لعملية التحديث والتطوير وتقوية ثقته بالجهود الدولية والاقليمية التي ينبغي ان تكون جماعية لا حكرا على قوة واحدة، ومرابطة قوات دولية هناك لكبح جماح الحركات الظلامية والتطرف والتعصب والفهم المتخلف للدين، والحيلول
بين الدرس السوفياتي وتورّط التحالف الدولي: العشر العجــاف فـي أفغانستان
نشر في: 18 أكتوبر, 2011: 06:27 م