حازم مبيضيناستبشر الأردنيون خيراً بتكليف عون الخصاونه، رجل القانون المعروف بنظافة اليد، والوقوف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية، بتشكيل حكومة جديدة، لكنهم ربطوا تفاؤلهم بأن يدشن الرجل مرحلةً جديدة، لابد من الانتقال إليها لتنفيذ التشريعات المطلوبة لمسيرة الإصلاح السياسي، بعد إقرار التعديلات الدستورية، خصوصاً وأن السمة الأساسية للرجل أنه قانوني، بنى سمعة دولية مشرفة في هذا المجال، ويأتي اختياره للموقع كخطوة مطلوبة لتطوير التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية،
وتكريس استقلال القضاء كسلطة ثالثة بضمانة الدستور، وصولاً إلى السعي الجاد والمتزن لبناء دولة مؤسسات، تكون قادرة على احتواء كل مظاهر التجاذب السياسي، الذي تحول إلى نزاع مكشوف بين القوى السياسية، وصل إلى حدود غير مقبولة. المؤكد أن التغيير لم يكن مطلوباً لذاته، لكنه جاء استجابة لرغبة الشارع، وتوجه الغالبية النيابية في البرلمان، إضافة إلى أن حكومة البخيت، ولا ننتقص من جهدها وإنجازاتها وصلت إلى أفق سياسي مسدود بالكامل في الحوار مع المعارضة، وتميزت أيامها الأخيرة، ببطء الإنجاز في إقرار حزمة التشريعات الضرورية لعملية اﻹصلاح، إضافة إلى تخبط قراراتها فيما يتصل بالتحضير للانتخابات البلدية، وما رافق ذلك من استقواء مرفوض على الدولة، لم تتم مواجهته كما ينبغي، كما أن قراراتها في مكافحة الفساد لم تتصف بالحزم المطلوب، ولم تلبّ طموحات الشارع في رؤية الفاسدين ينالون جزاء ما اقترفوه من خطايا بحق الوطن والمواطنين.جاء ترحيب أحزاب المعارضة بتكليف الخصاونه مشروطاً بالاطلاع على برنامج حكومته، وامتلاك رئيسها رؤية سياسية إصلاحية، وتحقيق هذه الرؤية على أرض الواقع، وبما يعني تغييراً في النهج، وليس مجرد تغيير في الوجوه، وطالب المعارضون الحكومة بإنجاز قانوني الأحزاب والانتخاب والمحكمة الدستورية، في حين صعد سياسيون مبتدئون مطالبهم، وعلى قاعدة المطالبة بإسقاط كل حكومة جديدة، متجاهلين أن الرئيس المكلف منفتح على الجميع، وراغب في إحداث تغيير يتناسب مع إيجابية مسيرته السياسية، وهو لم يقبل المنصب لثلم تلك السيرة، ولا الانتقاص من إنجازاتها، ولعلهم يجهلون أن الخصاونه ليس رجل أعمال، ولم يكن معنياً يوماً بتشكيل لوبي إعلامي يدافع عن أخطائه، وليست لديه أجندة شخصية، ويكفيه أنه تخلى عن منصب دولي رفيع لم يصل إليه بسهولة، ليضع نفسه وخبرته وقدراته في خدمة وطنه، في مرحلة يحتاج فيها إلى الرجال الأوفياء المنتمين إليه وحده. نجح الرئيس المكلف والمتميز بالكفاءة والتواضع في الاختبار الأول، من خلال تاريخه النظيف البعيد عن المهاترات والصالونات السياسية، وإطلالته على المواطنين عبر أكثر من وسيلة إعلامية، وسيكون الاختبار الثاني في اختياره أعضاء حكومته على شاكلته، خصوصاً لجهة سمعتهم ونزاهتهم وكفاءتهم، ونأمل أن يأخذ فرصته كاملة في اختيار معاونيه، كي لا يشعر قريباً بأن بعضهم يشكل عبئاً عليه وعلى مهمة حكومته، التي يرى أن مهمتها تتمثل أولاً بإعادة ثقة الشارع بالنظام السياسي، واستعادة هيبة الدولة والحكم دون استعمال القوة، بل بالإقناع، وخصوصاً وهو يعلن كقانوني ضليع أن هناك تناقضاً في بعض التعديلات الدستورية، قد تحتاج إلى إعادة فتح ملفها لمراجعتها. يعرف الرئيس القادم من أروقة المحكمة الدولية، أن حكومته ستواجه الكثير من المهام الصعبة، لكنه قبل المهمة الوطنية لثقته بقدرته على إحداث التغيير الايجابي، ولا نظن أنه سيقبل بإنهاء مسيرته السياسية بتعليق صورته في ممرات مبنى الرئاسة، ونأمل أننا سنرى معه في موقع الرئيس رجلاً من طراز وصفي التل وهزاع المجالي، يترك بصمته في تاريخ الوطن في زمن التحولات الكبرى التي يشهدها.
في الحدث: الأردن.. حكومة جديدة أم مرحلة جديدة؟
نشر في: 18 أكتوبر, 2011: 06:38 م