كربلاء /علي العلاويوجد عبد الحسن نفسه جديدا على سوق العمل الذي يطلق عليه المسطر بعد أن أمضى سنواته الثلاث والعشرين في الدراسة الجامعية وشارك قبل أيام مع زملائه في حفل تخرج الجامعة..عبد الحسن كان غريبا لا يعرف ماذا يفعل وهو يرى العمال الآخرين يركضون خلف أية سيارة تقف قرب رصيف المسطر في احد احياء كربلاء لان صاحبها يريد عمالا لبناء بيت أو فندق..
الآخرون أشجع منه لأنهم يعرفون كيف يقنعون صاحب السيارة بأنهم الأفضل فعاد خائبا إلى البيت لينظر إلى صورة التخرج وهي معلقة على جدار غرفته الكئيبة وفي رأسه كلام أبيه الذي طالبه بالبحث عن العمل لان مهمته قد انتهت وما عليه في الزمن القادم إلا المساعدة على إعالة العائلة ولان يدرك أن لا تعيين في الدوائر الحكومية فان مصيره المجهول جعله يطرق رأسه من جديد داعيا ربه أن يجد عملا في اليوم التالي وهو يعلم أن اليوم التالي سيكون كسابقه.ربما لم يكن عبد الحسن هو الوحيد ففي سوق حي الغدير الذي يعد واحدا من الأحياء الفقيرة والمكتظة بالسكان ربما لا تجد مكانا فارغا لعمل حتى لو كان بائع شاي كما يقول الخريج زهير رحيم الذي أمضى ثماني سنوات وهو يبيع الشاي في المنطقة بعد أن حصل على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية..يقول زهير انه تخرج عام 2004 ولأنه كان متزوجا قبل تخرجه بعام واحد فكان لزاما عليه أن يجد عملا ولأنه لا يجيد أي عمل لأنه كان يعتمد على أبيه في تمويل حياته الدراسية ولان التعيين صعب في تلك السنوات وكانت تتطلب أما رشوة كبيرة أو واسطة ولأني لا املك الاثنين فان ابسط عمل أقوم به هو بيع الشاي فحصلت على مكان في سوق الغدير ويطلق عليه ( الجمبر) والمكان ليس مجانا لان صاحب المحل الذي يقع مكاني أمامه يحصل مني على 60 ألف دينار شهريا كبدل إيجار عن المكان..ويؤكد انه منذ سبع سنوات وهو يعيل عائلته التي كبرت من ( جمبر الجاي) وقد نسيت حتى لغة الجامعة لان لغة السوق تختلف تماما وعلي أن أكون واحدا منهم لأكسب ودهم وإلا فان قطع العلاقة هو ابسط الأشياء في هذا السوق.ولكن رحيم يؤكد انه ليس الخريج الوحيد في هذا السوق وانه ليس الوحيد الذي يبيع الشاي بل هناك خريج من كلية العلوم يعمل اسكافيا وهناك خريج هندسة يعمل بائعا للسمك وخريج كلية تربية يعمل عاملا في مخبز وربما هناك من لم يعلن عن شهادته خجلا كونه يعمل في مهن لا تليق بمكانتها. الخريج علي الطرفي وهو يقف أمام باب بيتهم في منطقة سيف سعد يقول.. انه حاصل على شهادة دبلوم من معهد المعلمين عام 1995 وقد قضى سنواته الأولى في العسكرية كجندي احتياط وبعد سقوط النظام كان البحث عن الوظيفة يعد حلما..
يعملون في مهن لم يحلموا بها وهم على مقاعد الدراسة!

نشر في: 18 أكتوبر, 2011: 07:16 م