TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كلام محبة :نصف قرن من العلمانية

كلام محبة :نصف قرن من العلمانية

نشر في: 18 أكتوبر, 2011: 08:42 م

 أحمد الصراف آمنت في مراهقتي، ومن واقع بسيط قراءاتي، أن الحل لكل مشاكلنا الطائفية والدينية يكمن في فصل الدولة عن الدين، بإعطاء ما لله، لله وما لقيصر لقيصر. بعد نصف قرن من كسب الخبرة والتجربة والقراءات المتنوعة، أصبحت على قناعة تامة بأن العلمانية هي الحل الوحيد لأوضاعنا المأساوية "الكسيفة"، والأمثلة أكثر من تحصى.
 وقد تكون أحداث مصر الطائفية الأخيرة التي راح ضحيتها المئات بين قتيل وجريج، بعد تلاحم جيوش الأقباط والمسلمين والقوات المسلحة في عنف طائفي فور انتشار خبر هدم كنيسة متواضعة في قرية نائية بصعيد مصر، أحد الأمثلة الحية الصارخة! هذا الهوس الديني الذي اجتاح مصر، وغيرها من حضائر المسلمين، لا يمكن السيطرة عليه بحسن الكلام وجميل النصيحة وترداد وتكرار النصوص الدينية التي تحض على التآخي والحلم والصبر ومحبة الآخر، فمقابلها هناك كم هائل من النصوص، عند كافة الأطراف، التي تقول عكس ذلك! وبالتالي نحن بحاجة لأتاتورك عربي يشرع للعلمانية ويفرضها، ولو بالقوة! فهذا الهوس الديني المجنون، الذي لا يقتصر على المسلمين، بالرغم من أنهم الأكثر شراسة وعنفا لكونهم الأكثر عددا، لا يمكن حله بالتراضي أو بتجاهل وجوده، بل بالتصدي له بحلول جذرية والتحول للدولة المدنية بأقرب وقت، خاصة مع إصرار كل طرف على التصرف حسب قاعدة العين بالعين والسن بالسن، وليذهب التسامح إلى البحر ولتمت المحبة، فتلبية مطالب النص الديني أجدى وأكثر ثوابا ومنفعة.لقد سبق وان قال الغرب بكروية الأرض فقلنا له اذهب إلى الجحيم، وثبتت الرؤية بعدها وصحّ ما قالوه، ولكن بعد خسارة قرون من المعرفة! ثم نادى الغرب بالديمقراطية، كأفضل أنظمة الحكم، فرفضنا ونادينا بشورى هلامية وتشاور غير واضح، فتحكّم العسكر والطغاة بأعناق شعوبنا، وعندما حان الوقت لنقتنع بصحة ما نادوا به كان الظلم قد طحن النفوس وأهان الكرامات، وأمات الأمل في القلوب! وعندما قال الغرب إن على دول العالم إتباع العلمانية منهج حياة ونظام معيشة طلبنا منه أن يصمت ويبلع الورق الذي كتب عليه مبادئها، وأن يذهب إلى حيث ألقت أم عمر رحالها! وهنا أيضا سيمر وقت طويل قبل أن نقتنع لأن الغالبية لا تزال "تتواقح" في رفضها للعلمانية نظاما يحفظ حقوق الجميع في العيش بسلام ومحبة، ورفضها الآن لا يعني أن الوقت سوف لن يأتي ونقتنع بها، كما اقتنعنا في نهاية الأمر بكل ما جاء به الغرب من مثل ومبادئ تصلح للإنسان والحيوان والنبات، بل سيأتي، ولكن كالعادة، بعد فوات الأوان.* كاتب كويتي، والمقال ينشر بالتزامن مع "القبس" الكويتية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram