حسين عبد الرازق يعود الاهتمام بانتخابات مجلسي الشعب والشورى التي ستجري في البلاد حتى شهر مارس 2012 إلى تحمل المجلسين مسؤولية اختيار الجمعية التأسيسية التي ستتولى صياغة الدستور الجديد الذي سيحل محل الإعلان الدستوري القائم حاليا ودستور 1971 الذي أسقطته ثورة 25 يناير.
ومع ذلك فانتخابات مجلس الشعب التي بدأت الإجراءات الخاصة بها يوم الأربعاء الماضي - 12 أكتوبر - يكتنفها الغموض والفوضى وعدم اليقين، ولا تشير إلى إمكانية أن تكون فاتحة التحول من النظام الاستبدادي القائم في مصر منذ 40 عاما إلى نظام ديمقراطي ودولة مدنية حديثة.فالمجلس الأعلى للقوات المسلحة أصدر في 20 يوليو الماضي المرسوم بقانون رقم 108 لسنة 2011 بتعديل القانون رقم 28 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب ليقوم على إجراء انتخابات مجلس الشعب على أساس الجمع بين نظام القائمة النسبية المشروطة (58 دائرة يمثلها 252 نائبا بنسبة 50% من أعضاء المجلس) ونظام الانتخاب الفردي (126 دائرة يمثلها 252 نائبا بنسبة 50%) وكان المجلس قد عرض مشروع هذا القانون قبل إصداره على الأحزاب والقوى السياسية والحركات الاجتماعية ورفضته جميعا، وطالبت بأن تجرى الانتخابات بنظام القوائم النسبية غير المشروطة بنسبة 100% مع إطلاق حرية تكوين القوائم «حزبية - مستقلين - مشتركة..» ولكن المجلس لم يعر هذا الرفض الإجماعي أي التفات وأصدر مرسومه كما يريده.وعاد المجلس أمام ضغوط الأحزاب والقوى السياسية وفقهاء القانون والدستور الذين أكدوا عدم دستورية مواد في هذا المرسوم بقانون، إلى إصدار المرسوم بقانون رقم 120 لسنة 2011 بتعديل أحكام قانوني مجلسي الشعب والشورى لتكون الانتخابات بنظام الثلثين للقوائم والثلث للفردي، وصدر هذا المرسوم في 25 سبتمبر 2011، وفي محاولة فاشلة لتجنب عدم الدستورية أجري تعديل على الإعلان الدستوري ليتضمن نصا على أن تكون نسبة الانتخاب بالقوائم الحزبية الثلثين ونسبة الثلث للفردي، متناسيا أن عدم الدستورية يتمثل في وجود تمييز للمنتمين للأحزاب على حساب غير المنتمين «المستقلين» والإخلال بمبدأ المواطنة والمساواة بين المواطنين المنصوص عليها في المادتين (1) و(7) من الإعلان الدستوري.وفي 9 أكتوبر أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة المرسوم بقانون رقم 123 لسنة 2011 بإلغاء المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 120 لسنة 2011 والتي كانت تنص على ما يأتي «تشرط فيمن يتقدم بطلب الترشيح لعضوية مجلس الشعب أو مجلس الشورى بنظام الانتخاب الفردي ألا يكون منتميا لأي حزب سياسي، ويشترط لاستمرار عضويته أن يظل غير منتم لأي حزب سياسي فإذا فقد هذه الصفقة أسقطت عنه العضوية بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس» ليتأكد تمييز المنتمين للأحزاب على المستقلين، وبالتالي توفر أسباب الطعن بعدم الدستورية.ومع كل تعديل في نظام الانتخابات صدر قانون بتقسيم مختلف للدوائر، ووصل الأمر إلى أن المرشحين ظلوا حتى لحظة فتح باب الترشيح لا يعرفون مكونات الدائرة التي قرروا الترشيح عليها! وتزداد اللخبطة وعدم الاستقرار مع الإعلان عن إصدار تعديل لقانون الغدر مع تعديل اسمه إلى قانون إفساد الحياة السياسية، وتوقع صدوره بعد قفل باب الترشيح بهدف عزل «أعضاء الأمانة العامة للحزب الوطني المنحل وأعضاء لجنة السياسات وأعضاء مجلسي الشعب والشورى المنتمين للحزب الوطني في برلمان 2010»، وقال وزير العدل «إن القانون سيتم تطبيقه بأثر رجعي (!) في حالة إذا ما تمت الموافقة على طلب بعضهم بالترشيح في الانتخابات البرلمانية المقبلة من قبل اللجان الانتخابية أو حتى لو فازوا في تلك الانتخابات ودخلوا البرلمان فإن قوة القانون هي التي ستنفذ».وأضاف المستشار محمد عبد العزيز الجندي وزير العدل «.. هناك لجنة من مجلس الوزراء تقوم بحصر الرقم القومي للأعضاء المنتمين للحزب الوطني لإدراجها في كشوف، وفور صدور قانون إفساد الحياة السياسية سيتم إرسال تلك الكشوف إلى اللجان الانتخابية بالمحافظات لتنفيذ القانون ومنعهم حتى من الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات».ويمكننا في ظل هذه التعديلات والتغييرات المتتالية لنظام الانتخابات وتقسيم الدوائر واحتمالات العزل السياسي للمنتمين للحزب الوطني بعد قبول ترشيحهم وحتى بعد تمتعهم بعضوية مجلسي الشعب أو الشورى، الجزم بأننا في الطريق إلى فوضى سياسية وتشريعية وغياب للاستقرار.ولا يقف الأمر عند هذا الحد فانهيار التحالفات والتكتلات الانتخابية التي أعلنت منذ فترة لخوض انتخابات مجلس الشعب تحديدا، والتي بدأت بالتحالف الديمقراطي من أجل مصر تم ظهور الكتلة المصرية، وتوالى انسحاب الأحزاب والقوى السياسية من كليهما وقرار بعض الأحزاب خوض الانتخابات بقوائم خاصة بالحزب منفردا.. كل ذلك يؤكد أننا سنشهد برلمانا طابعه الغالب التشرذم والتشتت وغياب أي أغلبية لحزب أو تحالف أو تكتل بين عدد من الأحزاب، لتزداد الفوضى وعدم الاستقرار.لا أريدهنا أن أدافع عن النظام السوري الذي يتعرض اليوم إلى معارضة مأجورة ومستأجرة عربياً ودولياً، ولكن الذي أريد أن أشير إليه وأثبته، هو أن الذي يحد
انتخابات تقودُ للفوضى وغياب الاستقرار!
نشر في: 19 أكتوبر, 2011: 06:17 م