عامر القيسيلست مدافعا عن النائب سليم الجبوري ، بل انني من اشد المتحمسين لان يعطي ساستنا المثال المقنع لامتثالهم للقوانين التي شرّعوها بانفسهم . وهذا موقف لا يقلل من شأنهم السياسي ، بل يزيدنا قناعة بانهم فعلا ينوون بناء دولة القانون الذي لا يعلى عليه ، لا شخص ولا مؤسسة ولا اسم ،
ولا يمثل هدرا لكرامتهم ولا يشكل انتقاصا من هيبتهم الاجتماعية . لقد امتثل الرئيس الاميركي الاسبق كلينتون لاستدعاء القضاء بتهمة التحرش الجنسي وجلس مسالما طائعا امام ضابط التحقيق الذي كان يستجوبه دون ان يأخد بالحسبان انه رئيس دولته ، وكذلك فعل رئيس وزراء اسرائيلي ، اولبرايت على ما اذكر ، فقد امتثل لاستدعاء القضاء بتهمة استغلال النفوذ والحصول على شقة اقل من سعرها المفترض في سوق العقارات ، والأمثلة كثيرة في دول تعتمد القانون معيارا وحيدا في علاقتها مع المواطنين بغض النظر عن الاسم والمركز .وما دمنا نحن من دعاة تأسيس دولة القانون فعلينا ان نساوي الناس في حكمه والا نكون انتقائيين في التعامل مع القانون ، فهو يطبق على "س" فيما يكون " ع" بكامل التغطية السياسية . نحن نسأل هنا هل النائب سليم الجبوري وحده الذي تدور حوله الشبهات بتهم الارهاب ، ألم يعترف رئيس الوزراء أكثر من مرّة انه يعرف نوابا في البرلمان لهم علاقة بالارهاب ، ألم يشر رئيس الوزراء الى ارهابيين في احد اجتماعات البرلمان السابقة ؟ ألم يعترف أكثر من مسؤول تنفيذي أن بين المسؤولين في الحكومة من له علاقة بقضايا القتل على الهوية ؟ ألم يخرج الكثير من المتهمين بقضايا الارهاب من المعتقلات والسجون بسبب ترضيات سياسية ؟ وهل كانت القضية ستتحرك ضد الجبوري لو ان كتلته قوية كما كانت في الدورة الانتخابية السابقة ؟ ألم يكن أكثر من نائب في متناول الشرطة والقضاء ومع ذلك ترك حرا طليقا لاسباب مجهولة ؟ اسئلة كثيرة من هذا النوع تعيد نفسها وسط ممارسات انتقائية فريدة من نوعها لا تعبر عن الرغبة في بناء دولة قائمة على اساس القانون والجميع فيها يعاملون كأسنان المشط !ان التسقيط السياسي سمة من سمات عمليتنا السياسية الذاهبة الى المجهول ، ولاعادة الرشد اليها ينبغي الاحتكام الى معايير اخلاقية وقانونية ترسل للآخرين رسائل واضحة ان لا احد فوق القانون وان الألاعيب السياسية يتوجب ان تبقى في خانة المنافسات الشريفة المنضوية تحت يافطة القانون وحده . لا ادري ان كان الجبوري بريئا ام لا لكن المطلوب منه ان يذهب الى ساحة القضاء قويا ، معطيا الدليل المقنع على ايمانه بشعاراته نفسها الداعية الى الاحتكام الى القانون وليس غيره ، وان يكشف كل الاوراق التي تدين الآخرين ، اي آخرين ، بالمساهمة في مذبحة الشعب العراقي وان لا يثنيه عن عزمه شيء . لست في معرض النصيحة لسياسي وبرلماني ، لكننا نريد ان نرى بام اعيننا ان الشعارات التي ترفع يطبقها اصحابها اولا على انفسهم ، وسيجد الجبوري ان اقلامنا معه والخائفون على هذا الوطن معه ، وسيكون الفيصل الاول والأخير في قضيته هي براءته من التهم المنسوبة اليه .
كتابة على الحيطان: التسقيط السياسي
نشر في: 19 أكتوبر, 2011: 08:28 م