علي حسينكل شيء في العراق يجري عفو الخاطر ، لدينا أحدث وأقوى آلات وبرامج العشوائية المنظمة في كل أمور حياتنا، من السياسة إلى التعليم حتى اشارات المرور، كل صباح نستيقظ على انفجارات وخروقات امنية ، لنكتشف أن كل الكلام الذي يطلقه الناطقون عن الاحتياطات والخطط الامنية والقاء القبض على المئات من قادة الارهاب ليس إلا أوهاما اخترعناها ورددناها على أنها حقائق، ثم نمنا مطمئنين قريري الأعين،
أول من أمس باغتنا السيد المالكي بمفردات مبتكرة، مزيدة ومنقحة، من قاموسه الذي لا ينضب أبدا بما فيه من عجائب، حيث قال " ان العديد من الدول تطلب خبرة العراق في إعادة بناء أجهزتها الأمنية والعسكرية في ظل ظروف التحدي والمواجهة "، طبعا انا ومعي ملايين العراقيين نتساءل عن اي خبرات يتحدث السيد المالكي ، هل هي سرقة أموال الشعب والزواج الحرام بين السلطة والثروة في العراق ؟ أم هي التزوير والرشوة والعبث بمقدرات الناس، ولا أعرف إذا ما كان السيد رئيس الوزراء يسأل نفسه: لماذا لا توظف هذه الخبرات لخدمة العراقيين ، ولماذا يعيش ربع العراقيين تحت خط الفقر اذا كنا نصدر خبراتنا للعالم ، لماذا يرى رئيس الوزراء انجازات وخبرات لا يراها ثلاثون مليون عراقي ، سيقول البعض السيد المالكي يرى علامات الرفاهية والانجازات في ارتفاع رواتب السادة المسؤولين وركوبهم السيارات المصفحة والفارهة وقضائهم عطلة الصيف والشتاء في ربوع لندن ودبي ، ويبدو أن السيد المالكي لا يرى من الشعب العراقي إلا من أسعدهم زمانهم وانضموا إلى شلة المقربين ، وأتصور لو أن مواطنا امريكيا أو فرنسيا سمع كلام السيد المالكي وتعامل معه على أنه حقيقة، فلن يفكر طويلا قبل أن يهاجر زحفاً من بلده ويتقدم للحصول على الجنسية العراقية والانتقال فورا إلى بغداد أو الديوانية او البصرة أو بابل أو ميسان لمشاطرة أهلها الرفاهية والنعيم والاستمتاع بانجازات الحكومة. غير بعيد عن دائرة العشوائية حالة السيد اسامة النجيفي الذي ترك فجأة المطالبة باقامة اقليم سني وتوجه لإحياء حلف بغداد الذي وافته المنية عام 1958، حيث كشف المقربون من رئيس البرلمان دعوته لاستضافة قمة رباعية في بغداد تضم السعودية والعراق وتركيا وايران، فيما اتحفتنا الزميلة الصباح امس بمانشيت من النوع الثقيل تحت عنوان بغداد تستعيد دورها الاقليمي، ويضيف الخبر معلومة جديدة تقول ان هناك مبادرة عراقية لحل الازمة السورية ، طبعا لا اعتراض عندي ان يصبح العراق البلد الاول في المنطقة وان يسهم في حل النزاعات الاقليمية ولكن الا يحق لنا ان نسأل السيد النجيفي عن مصير الوزارات الامنية وعن معركة داحس والغبراء بين العراقية ودولة القانون وعن الصراع السياسي الذي يجعلنا نستيقظ كل يوم على كارثة امنية ، أليس الاولى بالسيد النجيفي ان يجمع ساسة العراق في حلف مصغر،فهذا افضل واجدى من ان يذهب لحل الازمة بين السعودية وايران ،، اليس الاحرى بالمالكي والنجيفي ان يمارسا ضبط النفس الواحد تجاه الاخر وان يطبقا المصالحة العراقية - العراقية على ارض الواقع ، وليس على ارض السعودية وسوريا وايران ، الا نحتاج الى خبرات وطنية تنهي ازمة هذا البلد في التوقيت الصحيح، وليس بعد خراب مالطا. لكنها العشوائية التي تجعل مسؤولينا يقفون امام وسائل الاعلام لكي يقولوا بان كل شيء تمام وتحت السيطرة، وهي للاسف رسالة تؤكد اننا نمثل على أنفسنا وعلى العالم ونقطِّب جبيننا إمعانا في إظهار الجدية، بينما نحن في أعماقنا نهرج.. ونضحك حتى نموت على أنفسنا من الضحك.
العمود الثامن: حلف النجيفي وخبرات المالكي
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 19 أكتوبر, 2011: 10:24 م