ميعاد الطائيمثّل يوم 20 أكتوبر 2011 نهاية فصل طويل من تاريخ ليبيا عانى خلاله الشعب الليبي كثيرا وهو يعيش تحت حكم واحد من اكبر دكتاتوريات المنطقة وأطولهم حكما، حيث دامت فترة حكمه أكثر من 42 عاماً ليكون أطول رئيس يحكم بلدا في التاريخ باستثناء الملكيات الدستورية .
ويتفق الجميع على أن سقوط النظام هو خطوة مهمة في مشوار التحول الديمقراطي ويزيل عقبة كبيرة تقف أمام انتقال البلد الإفريقي من الحكم الشمولي الى النظام الديمقراطي الذي ينشده الشعب الليبي من خلال ثورته التي دامت أكثر من ثمانية أشهر، قدم خلالها الكثير من التضحيات في الأنفس والأموال وتعطيل الاقتصاد وتوقف الكثير من مجالات الحياة . إلا أن المشهد على الأرض يشير إلى حقيقة مهمة وهي أن هذا السقوط ومقتل القذافي ليس نهاية المطاف على العكس من ذلك فهو يفتح الطريق أمام الثورة والمجلس الانتقالي نحو تحقيق الكثير من الاستحقاقات، وبالتأكيد لن يكون هذا الطريق سلسا ومعبدا بل سيكون مليء بالعقبات والتحديات الخطيرة التي تهدد وحدة وسلامة الشعب الليبي إذا لم تتم معالجتها والتعامل معها . فدولة مثل ليبيا ستواجه الكثير من التداعيات بعد أن مزقتها الحرب ولاقى الآلاف من أبنائها حتفهم، علاوة على تعرض الكثير من المؤسسات الاقتصادية للأضرار البالغة، بالإضافة إلى تدمير المؤسسة العسكرية التي من شأنها توفير الأمن للشعب وللتجربة الجديدة . ومن أهم الإجراءات للوقوف بوجه هذه التحديات هو العمل على توحيد الصف وإبعاد شبح الصراعات الداخلية التي من الممكن أن تقوم بين الثوار والمجلس الانتقالي والذين ينتمون إلى المنطقة الشرقية في ليبيا مع القبائل الموالية للقذافي المتواجدة في الغرب الليبي والتي لم تقف إلى جانب الثورة منذ انطلاقها لاسيما ونحن نعرف بان نظام المجتمع الليبي هو قبلي عشائري بامتياز حيث سعى النظام الليبي إلى تكريس العشائرية باتجاه خدمة النظام وبقائه في السلطة من خلال شراء الذمم، حيث غابت ملامح المجتمع المدني عن ليبيا وهو تحدٍ آخر يجعل الحكومة الانتقالية أمام مهمة جديدة وهي التأسيس لمجتمع مدني تكون فيه الولاءات للدولة وليست للقبيلة أو الحاكم .فمن خلال معرفتنا بالنظام الليبي وبزعيمه ملك ملوك أفريقيا ندرك انه اتبع سياسة تفتيت المجتمع المدني في بلده وعمل على تقوية القيم العشائرية والقبلية التي رسمها النظام وفق مصالحه الضيقة التي تبيح وتضمن له الاستمرار والبقاء .وحرص القذافي شأنه شأن الأنظمة الدكتاتورية الأخرى الى تأسيس قوات أمنية وأجهزة مخابراتية على أساس عنصر الولاء للقائد وليس وفق مبدأ المواطنة والإخلاص للوطن ولقد تم تقييم الولاء للوطن من خلال الانتماءات الطائفية والعشائرية . ولقد سعى القذافي إلى شخصنة السلطة وترتب على ذلك تفكيك المؤسسات الرسمية والمدنية وجعلها مجرد واجهات تعمل على الترويج لفكر الزعيم وتساعده على البقاء في السلطة .كل هذا يجعل المجلس الانتقالي والحكومة الجديدة أمام مهمة جديدة بعد التخلص من رأس النظام، وهي التخلص من موروثاته السيئة من خلال بناء مجتمع مدني حقيقي مؤمن بالديمقراطية ومفاهيمها الجديدة وبناء المؤسسات التي تتناسب مع مرحلة التحول الديمقراطي . وكل هذا يجب اتخاذه قبل أن ندخل اي انتخابات ليتمكن المجتمع من إنتاج حكومة ديمقراطية وفق مفاهيم صحيحة ويجب أن يلعب الإعلام الوطني دورا بارزا في تنوير الرأي العام وتشكيله باتجاه تجاوز هذه المعوقات والتحديات في محاولة لتجاوز مراحل خطيرة ممكن أن يدفع الشعب الليبي ثمنها باهظا إذا لم يتم تجاوزها .
ليبيا وتحديات مقتل القذافي
نشر في: 21 أكتوبر, 2011: 05:48 م