TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > على هامش الصراحة: لأننا ننسى

على هامش الصراحة: لأننا ننسى

نشر في: 21 أكتوبر, 2011: 05:50 م

 إحسان شمران الياسرينحن ننسى بعض البديهيات وهي جزء من حياتنا، ويَخال إلينا أننا لم نعد بحاجة إلى استظهارها أو استذكارها أو الاستدلال بها.. وليس في هذا التأكيد أية قيمة إن لم نُشر إلى تلك الأشياء الصغيرة التي اعتدنا على بعضها منذ تكوّن لدينا الوعي بالأشياء.. وحتى ما تعلّمناه في المدرسة الابتدائية ثم بالمراحل التالية، أصبحنا ننساه وننسى بالتالي القيم الكبرى التي اصطفت في ثنايا معارفنا من تلك الأشياء..
ونعتقد في أكثر من مرة أن الأمر لم يعد يعنينا.. فها أنا أصبحت محاسباً وموظفاً في الدولة، فما قيمة المعلومات التي حصلت عليها عن التمثيل الغذائي للنباتات، إذ تُحوّل الأوراق ضوء الشمس إلى غذاء.. وما الفرق إن كانت السمكة تحصل على الأوكسجين من الماء أم من الفضاء المحيط بالماء.. وما قيمة معلوماتنا عن آلية انتقال الأوكسجين بالدم. ولماذا نفكر في التفاعل الكيمياوي الذي تُحدثه بعض السوائل في المعادن..ولماذا تصبح الأسمدة الكيمياوية في بعض الأحيان سموماً قاتلة للحياة..وما هو الفرق بين الحروف الشمسية والحروف القمرية في اللغة العربية.. ولماذا يُصّر البعض على ضبط موقع الهمزة فوق الألف أو تحتها.. وما الفرق بين أن تكتب كلمة (أعداد) والهمزة فوق الألف أم تحته.. وهل يتغير معنى الجملة؟..إن الفضل في البرامج التعليمية والقنوات الفضائية العلمية هي أنها تُعيدنا إلى بعض الدروس العلمية التي حاولنا (حتى بالغش) أن نجتازها بالامتحانات (أيام الشباب) ثم نجدنا  بلا معلومات ولا علم ولا معرفة بعد اجتياز المرحلة الدراسية..قد يعود جانب من تلك الغفلة والتجاهل والتكاسل إلى أنماط التعليم التي تسمح لك بالاحتكاك بالكتاب وبالمعلومة لتجاوز ليلة الامتحان.. فإذا نجحت، تركتها وراءك، ولتذهب الفيزياء والكيمياء والإحياء والهندسة والجبر إلى الجحيم!!..ولم يلتحق بنا مما درسناه، إلا قدراتنا الشخصية على دمج الكلمات، والصبر على التعلم من الميدان، وإجادة كتابة التقارير والمذكرات والنظر يومياً بعشرات الملفات التي تتركنا بلا زادِ روحي.. وعندما يأتي الوقت المستقطع للقراءة والبحث، تثقل عليك شجون الحياة وقوائم الطلبات وتحقيق الهوية الذي تجريه (المحروسة)، فتترك مشروعك للقراءة أو الكتابة إلى الغد، الذي سيأتي بملفات جديدة، وحواجز على الطرق وأحباب يتعرضون لعشرات الامتحانات في الحياة، وأنت واقف مثل (آلة الناعور!) لا تدري ماذا تفعل..فإذا أضفنا إلى كل هذه الأمور ما تراه وتسمعه (ولا يراه الآخرون أو يسمعونه)، تصبح أنت مجرد (صامولة) في آلة (تعتقد) أنها صدئة اسمها الحياة، فيما هي ليست آلة، وليست صدئة، لكنك تغفل عن رؤيتها، فتشاطرك الإحساس الغريب بها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram