بغداد/ المدى اعتبرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن القبلية المتجذرة في الحياة الليبية وغياب قيادة حقيقية، تشكلان، إلى جانب تحديات أخرى، خطرا على بناء الدولة الجديدة بعد مقتل الزعيم الليبي معمّر القذافي. وقالت الصحيفة إنه "لا عجب أن تعمّ مشاهد الابتهاج في الشوارع الليبية بعد مقتل الدكتاتور الذي حكم لأكثر من 42 عاماً وأن يشعر الشعب بأن فرصته الحقيقية لبناء نظام ديمقراطي قد حانت بعد أن تخلص من القذافي"، مضيفة "لكن المعركة الحقيقية قد بدأت للتو، فبناء نظام ديمقراطي موحد ليس بالأمر السهل".
وترى الصحيفة البريطانية أنه كان "من الأفضل القبض على القذافي وتقديمه للمحاكمة وهو على قيد الحياة، كما فعلت الحكومة العراقية المؤقتة مع صدام حسين في العام 2004.. هذه المحكمة كانت ستظهر جدارة القضاء الليبي الوليد، سواء كانت محلية في طرابلس أو دولية في لاهاي". وتشير "الغارديان" إلى أن "القذافي بدا واضحاً انه ما زال على قيد الحياة أثناء اعتقاله وهو يقاوم "ربما للبقاء عند كلمته الأخيرة بأنه لن يترك ليبيا قبل أن يموت"، لتضيف أنه بغض النظر عن الرواية الحقيقية لما حدث في تلك اللحظات المجهولة بين القبض عليه وقتله، فأن الصور الأخيرة التي انتشرت للقذافي مكافحا.. ثم صريعا ستثير عطف الكثير من الليبيين وتشحن أولئك الذين ما زالوا موالين له، وهذا بحد ذاته "تحد آخر لليبيا ما بعد القذافي". وسلطت الصحيفة الضوء على أبرز التحديات التي تواجه الليبيين في المستقبل القريب، بداية "حيث يتعيّن على المجلس الوطني الانتقالي، الذي ستخرج الحكومة الليبية الجديدة من صلبه، أن يجد قادة يمكن الوثوق بهم للإشراف على وضع دستور جديد للبلاد"، إلا أن المشكلة هنا، تضيف الصحيفة، أن هناك تيارين شديدي التعارض داخل المجلس نفسه: الإسلاميون المحافظون حد التطرف والذين ينادون باعتماد الشريعة الإسلامية باعتبارها حجر الزاوية في النظام الجديد، والليبراليون العلمانيون الذين يتوقون إلى نظام ديمقراطي يحاكي النمط الغربي. وتنتقل الصحيفة إلى تحدٍ آخر يواجه الليبيين هو كيفية المحافظة على الاستقلال من التدخل الأجنبي، لاسيما في ظل مشاركة حلف شمال الأطلسي في الثورة. وتقول الصحيفة إن التخوف ينصبّ عندما يثار التدخل الأجنبي في ليبيا إلى الطمع باحتياط النفط الأكبر في إفريقيا، والذي يعتبره كثيرون جائزة مغرية لقوى العالم المتعطشة للطاقة. وتضيف "هناك تحديات أخرى، ترتبط بغياب الديمقراطية عن ليبيا لفترة طويلة، حتى أنها تفتقر لأبسط أسس النظام المؤسساتي الكفيل بإدارة النظام المستقبلي". وترى "الغارديان" أن مسألة تعزيز التلاحم الوطني هي إشكاليّة بحدّ ذاتها كذلك، فـ"ليبيا بلد هائل، يبلغ حجمه أربعة أضعاف العراق، تسوده مشاكل تتعلق بضبط الأمن بين القبائل... حيث تعج العديد من المدن بالأسلحة نتيجة لتسلح المواطنين في حربهم ضد النظام القديم". وتخلص "الغارديان" إلى تحد أخير يتمثل بوجود الإسلاميين المسلّحين، الذين سبق وعرفوا بانتسابهم إلى تنظيم "القاعدة"، ونتيجة "لتعزيز ترسانتهم العسكرية من خلال الأسلحة التي سرقوها من مخازن القذافي أثناء الصراع". وترى "الغارديان" أنهم يشكلون تهديدا مباشرا على مستقبل الدولة الحديثة وتوجهاتها. وتضيف في النهاية أنه "بغض النظر عمّا يخبئه المستقبل، تبقى هذه النهاية الدموية للنظام تحذيرا للأنظمة الأخرى بأنها لن تقدر على مواجهة رياح التغيير، وإنذارا للشعوب بضرورة الانتباه جيدا إلى تحديات المستقبل".
صحيفة بريطانية: كان من الأجدى تقديم القذافي للمحاكمة كصدام
نشر في: 21 أكتوبر, 2011: 09:54 م