حازم مبيضين لم يكن لعاقل أن ينتظر نهاية مختلفة عن تلك التي انتهى إليها العقيد الليبي معمر القذافي, بعد اثنين وأربعين عاماً حكم خلالها الشعب الليبي الطيب بالعنف والإرهاب, وكان مضحكاً, رغم درامية الموقف, أن يخاطب العقيد من أسماهم دائماً بالجرذان والكلاب الضالة ومتعاطي حبوب الهلوسة, بيا أبنائي, والتوسل إليهم بألا يقتلوه, ولعله كان في تلك اللحظة ينتظر تأثير الحجاب الذي يحمله لحمايته,
ولسبب ما فإنه لم يستعمل مسدسه الذهبي, الذي يبدو أنه كان للزينة وليس للقتال, فالقائد الأممي الثائر يجب أن يحمل سلاحاً متميزاً عن باقي خلق الله .لم نعتد الشماتة, وإن كان العقيد يستحقها, بعد أن أوغل في الشهورالأخيرة في دماء شعبه, رافضا التنازل عن موقعه ومكاسبه, وكنا ننتظر من الثوار جلب معمر إلى المحاكمة العادلة, التي كانت ستنتهي بالتأكيد بإعدامه, وإذا كنا لا نعرف دقائق اللحظات التي وجهت فيها الطلقة الاخيرة إلى رأسه, ولا نستطيع تصور مشاعر من أطلقها, فاننا سننتظر حتى تتكشف الأمور, لكن السؤال سيظل قائماً, لماذا أعدم بهذه السرعة وبدون محاكمة عادلة؟ كما وعدنا المجلس الانتقالي, وما هي الأسرار التي حملها معه, وطويت صفحتها بقتله. المهم أن ليبيا طوت صفحة دامية من تاريخ عائلة بو منيار القذافي, التي تحكمت بالبلاد أكثر من أربعة عقود, استأثر أبناؤه خلالها بإدارة شؤون البلاد, واليوم فإن مصيرهم المحتوم تحدد مابين القتل, كما في حالة المعتصم وخميس والمطاردة الحثيثة لسيف الإسلام ، أو الشتات وحياة المنافي كما في حالة الساعدي ومحمد وهنيبعل, وابنته الوحيدة عائشة, التي أنجبت له حفيداً في الجزائر, وزوجته الثانية وأم أولاده صفية, وبات لزاماً على الليبيين اليوم التفكير بليبيا الغد, فقد ضاع الكثير من الوقت، ونأمل أن تتوصل القوى السياسية سريعاً جداً إلى اتفاق في شأن مستقبل البلاد, وأن يتجاوز الليبيون بحكمة, المخاوف من صراع على السلطة بين القبائل والمناطق, وبين الإسلاميين والليبراليين, فاليوم يبدأ الجهاد الأكبر لبناء ليبيا الجديدة, القائمة على الحرية والديمقراطية والعدالة، مع ضرورة البدء فوراً بجمع السلاح من أيدي المواطنين, منعاً لأي انفلات أمني. ثمة درس يبدو أن الطغاة يرفضون تعلمه, وهو أن نهاياتهم واحدة, وإن كانوا يكابرون, وقد أثبتت الأحداث في ليبيا هذه الحقيقة مرة أخرى, وفي الربيع العربي فان أنظمة الدكتاتورية وحكم العائلة آيلة إلى الزوال, فإرادة الشعوب لا تقاوم, وكل التوصيفات للثوار بأنهم جرذان, أو مندسون أو مجرد مشاغبين, لن تكون مجدية أمام الاصرار على نيل الحرية والكرامة, وفرض الديمقراطية كخيار وحيد.اليوم يقف الليبيون ومعهم العرب, لاختبار نوايا النيتو ودول الأطلسي ومن يدعمهم, فجيوش هؤلاء أتت بغرض معلن هو حماية المدنيين في زمن الحرب, وبعد إعلان التحرير الكامل للبلاد, فإن على الجيوش الغربية الرحيل, وعدم الاستمرار يوماً واحداً زيادة على المهمة التي كلفت بها, حفاظاً على استقرار ليبيا التي لم يقاتل شعبها ويقدم كل هذه التضحيات, ليتخلص من دكتاتورية العقيد, ليقع في قبضة الاحتلال والاستعمار, ولليبيين وحدهم كل الحق في تقرير مصيرهم بأنفسهم، واختيار شكل ومضمون نظامهم السياسي، والتمتع بثروات وطنهم, وعلى كل مخلص في أمة العرب أن يقف داعماً للشعب الليبي, المحتاج اليوم لوقفة تضامن صلبة, تتجاوز حدود الكلام, وتنطلق إلى فضاء الفعل الصادق.
في الحدث :نهاية القذافـي
نشر في: 22 أكتوبر, 2011: 06:43 م