 بغداد/ وائل نعمةيتزاحم الأطفال في غرفة تعلوها الرطوبة، على مقاعد خشبيّة متأرجحة، ومعلمة الصف تنظر من شباك الملل العاري من الزجاج للنسوة الأرامل اللاتي يقفن ساعات أمام أحد المصارف كي يتحركن خطوة باتجاه الموظف الذي يمدّ يده ليعطيهن مرتب شهر لا يكفي 5 أيام .
 وفوق الجسر "تنعجن " السيارات لان عنصر الأمن يحمل "موبايل " يطمئن فيه على الصغيرة التي خطت أولى خطواتها إلى المدرسة ، بينما الرجل المريض يئن من شدة الألم في سيارة "تاكسي " كان قد استأجرها بعد أن ملَّ انتظار سيارة الإسعاف التي لا تريد التحرك من "كراج " المستشفى إلا بدفعة "مالية" تضرب على عتلة البنزين لتطير إليه سائرة عكس السير المكتظ بالعجلات الصفراء!. وكان السائق العاطل عن العمل قد يئس لولا جاره الذي أهدى إليه فرصة ذهبية للعمل على سيارة أجرة . يدفع زفير الهواء، وهو ينظر إلى أطفال الشوارع والشحاذين الذين اغتنموا فرصة توقف السيارات أمام السيطرة "الحازمة" التي يحمل عناصرها جهازهم الأسود ذا الحديدة المائلة مع اتجاه الريح!، ليطرق الصغار بأصابعهم المرتجفة  زجاج السيارات وهم يحملون علب المناديل ، وتُبح أصواتهم  منادية "بطل مي بربع " لا يصل صداها  إلى القبة الخاوية، حيث تتكدس أوراق ومسودات قوانين ومشاريع مقترحة في ادراج وعلى طاولات النواب ، يبعثـرها هواء المكيفات الذي يملأ الصالة الفارغة، يحاول بعض الإداريين عبثا لملمتها وإرجاعها إلى مكانها ، لحين عودتهم من ارض الله الحرام ، فيما لا تزال جراح المصابين بهجمات مراكز الشرطة ومدينة الصدر لم تجف بعد.rnوإلى أين ذهب النواب؟ أهم تطور في مسيرة التشريع العراقي ربما جاء في جلسة البرلمان الأخيرة التي أنتجت: إن المجلس سيكون في عطلة حتى 20 تشرين الثاني.هذا صحيح، على الرغم من المأزق السياسي المستمر، فان مجلس النواب  لن يجتمع لمدة 6 أسابيع أو نحو ذلك. ظاهريا،يبدو بسبب عطلة نهاية الفصل التشريعي،إلا أن الحقيقة أنه يتزامن مع موسم الحج إلى مكة المكرمة في أوائل تشرين الثاني. لا يسع المرء إلا أن  يتساءل ، على الرغم من كل الاختلافات التي تعصف بأعضاء الكتل السياسية "غير المؤتلفة "، وعدم اتفاقهم، وتعطيلهم لمجموعة كبيرة من القوانين بسبب "مصالح ذاتية":هل كانت المصلحة السياسية قد لعبت دوراً في اتخاذ القرار بحج النواب. أسماء الموسوي، وهي من التيار الصدري، قالت:"  لقد رفعت طلبا إلى المحكمة الاتحادية العليا لتمديد الأجل لعمل مجلس النواب على أسس دستورية لمدة شهر واحد ". كالعادة ، كان هناك تأخير في صدور حكم المحكمة.على الأرجح، كانت الرغبة في الدعوة لهذا التمديد في عداد المفقودين ! فعلى الرغم من الصرخات والنداءات التي أطلقها الشارع العراقي ومسؤولون ورجال الصحافة والدين في استمرار البرلمان في فصله التشريعي من اجل عدم قطع جلساته والدخول في فترة السفرات والاستجمام، بينما الشعب يعاني الأمرّين في وضع خدمي مأساوي، وفساد يكسر العظم، وقوانين يقف عليها مصير وطن وثلاثون مليون نسمة. ومع العطلة المقبلة فنحن نقترب بسرعة من الذكرى السنوية الأولى لتشكيل حكومة المالكي، وهي تفتقر لوزراء الداخلية والدفاع. لم يسمع "نواب الشعب " أي كلمة، واضعين القطن في الأذن، مبررين عطلتهم بالذهاب إلى "الحج".rnوماذا فعل الشعب؟ كان قد تظاهر العشرات من المواطنين في ساحة التحرير وسط بغداد، في إحدى الجمع الماضية، احتجاجا على ذهاب أعضاء مجلس النواب إلى الحج وسوء الأوضاع الأمنية.  وكانت لجنة الأوقاف والشؤون الدينية في مجلس النواب أعلنت، في 9 تشرين الأول 2011، أن هيئة الحج والعمرة خصصت لها 640 مقعداً للذهاب إلى المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج لهذا العام، مشيرة إلى أنها بدأت تسجيل أسماء الراغبين بالذهاب إلى الحج أو من يخولونهم من أقارب الدرجة الأولى. فيما أكدت هيئة الحج والعمرة، في 11 تشرين الأول 2011، أن أكثر من 100 برلماني سيؤدون مناسك الحج للعام الحالي، فيما بينت لجنة تفويج الحجاج أنه تم منح تعليمات للنواب وأعضاء مجالس المحافظات بالسفر في آخر رحلة تتجه للسعودية.إلى ذلك، كشف النائب حيدر الملا، عن إعطاء هيئة الحج والعمرة لعدد من النواب رحلات حج مجانية، فضلا عن إظهار أسمائهم بعيداَ عن القرعة كـ"رشوة ". وقال الملا وهو عضو القائمة العراقية: ذهاب ما يقارب أكثر من (190) نائباً من البرلمان للحج، أمر مثير  للغرابة، وإن كان ذلك يصادف عطلة الفصل التشريعي لمجلس النواب، مؤكداً أن ما تقدمت به هيئة الحج بإعطاء رحلات حج مجانية إلى عدد من النواب ما هو إلا رشوة مقدمة من عند الهيئة من أجل إعطاء "الكوتا" وما تبعها من مسائل تخص هيئة الحج والعمرة. فيما أعلن الناطق الرسمي باسم رئيس مجلس النواب العراقي أسامه النجيفي، في وقت سابق ، عن مطالبة النجيفي بضرورة إلغاء أي امتيازات تخصص للمسؤولين في موضوع الحج، داع