TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > بغداد قبل 90 عاماً

بغداد قبل 90 عاماً

نشر في: 28 سبتمبر, 2009: 06:13 م

rnزهير احمد القيسيالشباب اليوم في نزهاتهم وفي اوقات فراغهم يقصدون الباب الشرقي حيث تقوم دور –السينما- الكثيرة والملاهي والمشارب والمقاهي فيقتلون اوقات فراغهم ويسمرون ويتحدثون ويلهون. وكما يفعل شباب اليوم كان يفعل اباؤهم واجدادهم غير ان المكان الذي كان يقصده الاباء لم يكن منطقة الباب الشرقي على الاطلاق.rn
rn-فالباب الشرقي- هذه المنطقة التي كانت تسمى في العصر العباسي – كلواذا- كانت خلال الف عام منطقة تغص بالاحراش والادغال لا يأوي اليها سوى اللصوص وقطاع الطرق والابقين على القانون ولكنها اليوم، تعود كما كانت عليه ايام العباسيين، فكما كان ابو نواس وصحبه يقصفون في –كلواذا- يقصف شباب اليوم ويمرح في الباب الشرقي.rnوقد كان من ايات الرجولة والبسالة في الامس الغابر ان يتراهن الشباب المعتد بنفسه على المبيت ليلة في منطقة الباب الشرقي متحدين غلظة اللصوص وقساوتهم، غير مصطحبين الا هراوة او خنجرا فينامون حيث تنساب الافاعي خلل الادغال ويجوس الخارجون على القانون باحثين عن فريسة يسلبونها او يقتلونها.rnوقد يعود بعضهم بجرح ينزف دما ولكن باسلاب لص جاء غازيا وذهب مهزوما.. وكانت ثمة مآو عدا ذلك للمومسات الرخيصات اللواتي اتخذن من الكهوف والمغاور محلات سكنى لهن، عدا مغاور الحشاشين وندوات السكارى اما الاباء والاجداد من ابناء بغداد الاصليين فلم يكن بوسعهم حتى عام 1920 تجاوز منطقة السيد سلطان علي الحالية شرقا، ومنطقة باب المعظم غربا، اذ ان الامكنة الاهلة بالسكان، المحيطة بسراي الحكومة كانت محصورة بين هاتين المنطقتين فما ان تغيب الشمس حتى ينسحب الناس الى بيوتهم تاركين الازقة الضيقة المضاءة بالفوانيس النفطية الضئيل? والقناديل الخامدة، خالية ولايجسر على السهر خارج البيوت الا اصحاب الرجولة والبأس.rnوكانت منطقة الميدان الحالية حتى عام 1920 بمثابة الباب الشرقي اليوم. ومعالم المدن تتغير باستمرار فهي تكتهل وتغبر في عهود الظلم والطغيان، وتستعيد شبابها وجمالها في العهود الزاهرة، والميدان حيث كانت تقوم قهوة عزاوي المشهورة اغنيتها لدى الناس وحيث كان يقوم ملهى الهلال التاريخي وسينما العراق المندثرة كان مركز التجمع اللاهي في بغداد يومئذ.. ولو قيض اليوم لرجل توفي قبل اربعين عاما مثلا ان يبعث حيا لعجب كل العجب اذ يرى ساحة –باب المعظم- دون باب ما.. ذلك ان هذا الباب الذي سميت المنطقة باسمه لم يعد موجودا الان وهو ا?ر باب من ابواب سور بغداد التي لم يبق منها اليوم غير الباب الوسطاني المعروف بمتحف الاسلحة.. ولكن عجبه سيتناقص لاشك ولو انه ضرب صفحا عن السيارات التي حلت محل العربات وعن الناقلات الالية التي حلت محل الحيوانات- سيتناقص اذ يرى جامع الازبك قائما في مكانه كما كان يوم ان كانت –باب المعظم- متصلة به.rnذلك ان جامع الازبك الذي حمل اسم بانيه وهو اسم رجل من ازبكستان لا يزال يقوم وعلى سطحه منارته الرشيقة التي هي اصغر منارة في بغداد وسيعوضه مرأى هذا الجامع عن باب المعظم التاريخي الذي هدمه الانكليز عام 1919 عند احتلالهم العراق.rnوحتى الان- وكما كان بالامس – لايزال الفقراء من الافغانيين ومسلمي آسيا الوسطى يأون الى هذا المسجد- الى زاوية معدة للفقراء فيه- بحيث اكسبوه اسم الجامع الافغاني ايضا واقدم المعلومات المتيسرة عن هذا الجامع ومنارته الصغيرة تمتد حتى عهد داود باشا.rnاما داود باشا هذا فهو آخر الولاة المماليك الذين حكموا بغداد لقرن كامل.. ولد في تبليسي بجورجيا، وبيع في بغداد مرتين، ثم اعتنق الاسلام واتصل الوالي –المملوك بسليمان باشا حيث تزوج بابنته واحتل ارقى المناصب في عهده، ولم يلبث ان اصبح واليا بعد وفاة سليمان، فاشتهر بغزواته التأديبية للعشائر المتمردة في لواء الدليم من شمر وغير شمر كما اشتهر بصد الغزوات الفارسية.rnكان اول تولى داود لولاية بغداد عام 1785.. وكان عهده حافلا بالصلات الدبلوماسية بين العراق والانكليز الذين بدأوا يولون العراق اهتمامهم منذ ذلك العهد فكان عهد صراع شرس بين الانكليز الدهاة وبين الوالي المملوك، على ان عهد داود باشا الذي طال كثيرا.. فتحمل مساوئ اسلافه من الولاة قد بلغ درجة التأزم بالاصطدام بالباب العالي في استنبول فسير السلطان جيشا يقوده علي رضا باشا حيث حاصر بغداد حصارا عنيفا لم تلبث المدينة ان استسلمت له وقد دمرها الفيضان الجبار وانتشر فيها الطاعون واخذ الناس يموتون بالالاف..rnوكان عام 1831م هو اخر عهد داود باشا ببغداد.rnوهكذا فان ما يتيسر لنا من المعلومات عن جامع الازبك لايمكن ان نعود به الى اكثر من عهد داود باشا الذي عني بتعميره فخلد الشاعر صالح التميمي عمله هذا بالبيتين التاليين:rnلعمري بداود استقامت قواعد rnمن الدين لم يبصر لها الشرك دافعاrnوحيث الهدى اقصى الفساد مؤخراrnمليك لذكر الله جدد جامعاrnاما جامع الميدان ويسمى جامع الاحمدية ايضا فقد بناه احمد باشا كتخذا وكتخذا لفظة فارسية جعلها الاتراك –كهية- وتعني الامين والموظف الكبير ثم اصبحت تعني الوزير الاول في حكومة الباشوات.rnومنارة هذا الجامع وقبتاه من اجمل الاثار الفنية الباقية من العهد العثماني من

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram