علي نافع حمودي المواطن العراقي مع التصدي للفساد بكل أشكاله ومحاربة المفسدين الذين يحاولون تعطيل عملية بناء الإنسان العراقي الجديد ، خاصة وإن الفساد آفة كبيرة جداً، هذا الإنسان الذي يتطلع لغد مشرق، والذي هو بالأساس هدف التنمية ووسيلة تكاملها ووصولها بالبلد لدرجة الرقي الحضاري الذي نسعى له . خاصة وإن سبل مكافحة الفساد تبدأ من النفس التي تنبذ كل أشكال الفساد، فالمسلم بطبيعته وتنشئته يمقت الفساد والمفسدين، وإن الشريعة الإسلامية
لم تكتف بتشديد العقاب على المفسدين فقط، بل نبذت كل أنواع الفساد وليس الفساد الاقتصادي فقط، ولهذا قال تعالى “ولا تعثوا في الأَرض مفسدين”. ولابد أن يستشعر الحاكم أو ولي الأمر بالمسؤولية عن حماية رعيته من الفساد والمفسدين، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم “إن الله سائل كل راع عمّا استرعاه حفظ أم ضيع” فلابد أن يكون هناك توازن بين الأجر والإنتاجية، حتى لا يكون هناك إثراء بلا سبب ويقابله ظلم في الأجر . وأقر الإسلام مبدأ المحاسبة ويبدأ الراعي بتطبيقه على نفسه قبل غيره، ومع هذا نجد أن البعض يتلاعب بالكلمات التي تبرر الفساد الاقتصادي أو تعطيه صبغة مقبولة اجتماعيا، مثل إطلاق كلمة هدية أو إكرامية على الرشوة التي لعن الله كل أطرافها، فقال صلى الله عليه وآله وسلم “لعن الله الراشي والمرتشي والرائش” أي الذي يمشي بين الاثنين . ولهذا لابد من قراءة السيرة النبوية التي حارب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من خلالها عملياً كل صور الفساد” .ولهذا نجد بأن ثمة سلاح إسلامي فعال في مواجهة الفساد بكل أشكاله بما فيه الفساد الاقتصادي، لا يعتمد على القوانين أو ما يطلق عليه شرعاً العقوبات التعزيرية فقط، بل إنه يعتمد على ما هو أهم، وهو الرقابة الداخلية لدى الفرد المسلم في الامتناع عن كل المحرمات، لأنه يستشعر برقابة الله له في السر والعلن، والمتمثلة في ما نطلق عليه الضمير الحي المرتبط بالله القائل “أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون” . وقوله تعالى كذلك “وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور” .و أن هذه الرقابة الذاتية تجعل المسلم يمتنع من تلقاء نفسه عن الفساد، وهذا من أهم الإجراءات الوقائية لمكافحة الفساد في الإسلام، وغير موجود في أي شريعة أخرى أو في أي نظام وضعي لمكافحة الفساد في العالم، ولهذا فإنه لابد من غرس الوازع الديني لدى الأفراد ابتداء من التنشئة الإسلامية في الأسرة، ومن خلال وسائل الإعلام باستضافة العلماء المتخصصين في علوم الشريعة والاقتصاد، لتسليط الضوء على هذا الداء وعواقبه الدنيوية والأخروية وآثاره المدمرة على الفرد والمجتمع.
فضاءات :محاسبة المفسدين
نشر في: 24 أكتوبر, 2011: 06:44 م