اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > حياة شارع:شارع السعدون عِقدٌ من السحر يزيّن جِيد بغداد

حياة شارع:شارع السعدون عِقدٌ من السحر يزيّن جِيد بغداد

نشر في: 24 أكتوبر, 2011: 07:15 م

(1-2) بغداد/ يوسف المحمداوي  تصوير/ أدهم يوسف للمدن علاقة بشوارعها وكأنها شواردها التي تبوح بأسرار كينونتها منذ شهقتها الأولى لأوكسجين الصيرورة. وبغدادنا التي تلتحف السواد مرغمة لطالما خطت لنا شوارعها مواجعها التي لا تنتهي.
ما أن تتذكر بغداد حتى يستعيد الذهن صوراً عن رشيدها وسعدونها وأبي نؤاسها تلك الشوارع التي كتب على حيطان أبنيتها تأريخ طويل من الفرح والحزن اللذين امتزجا ليكونا لوحة الحياة.بستان الخس الذي تحول إلى ساحةالسعدون الذي تحول من بساتين ومزارع الى شوارع وأحياء بدأ الحياة في ثلاثينيات القرن الماضي، وكانت بداياته متعثرة كأي مارد في عالم الشوارع، حيث كان بستان الخس الذي يقول عنه السيد هادي ابو حسن انه ساحة النصر الحالية، وكذلك بستان (مامو) فضلا عن مزارع صغيرة اخرى تعد الرابط ما بين البتاوين باتجاه أبو نؤاس، ثم يصبح كسور اخضر يحيط بالقصر الأبيض الذي هو محل إقامة الملك آنذاك، وفي بداية تكوين الشارع وتطوره مع ثلاثينيات القرن وحتى اربعينياته كانت وسيلة النقل الوحيدة هي العربة التي يجرها الحصان وما تعرف بـ"الربل" كما يقول صاحب محل لبيع المواد الغذائية.واستمر العمل بها حتى بعد دخول مصلحة نقل الركاب الانكليزية الحمراء ذات الطابق الأول او الطابقين، لكنها غادرتنا وللأسف في ثمانينيات القرن الماضي شانها شأن الفرح الذي رحل بقوافله منا للأبد، ويضيف ابو حسن إن طول شارع السعدون يبلغ 3.5 كم حيث بدايته من ساحة التحرير وحتى نهايته بساحة الفتح في الكرادة الشرقية، وكانت الأحياء التي يخترقها الشارع من أرقى مناطق بغداد ولا يسكنها إلا الأثرياء وميسرو الحال فتجد المسلم واليهودي والمسيحي والعربي والكردي، بل أن هناك مقاهي سميت بأسماء الطبقات الميسورة مثلا عمارة النصر كان فيها مقهى التجار اما عمارة النجوم ففيها كازينو حجي زناد التي ترتادها الشخصيات السياسية والمتنفذة، وكذلك كازينو اليهود في عمارة نور التي هي لصيقة عمارة النصر.. وهذه بأغلبها كانت موجودة حتى منتصف ستينيات القرن الماضي. جاذبية المكان وذهول المتلقيللسعدون نكهة خاصة قد لا نجدها في الشوارع الاخرى، وما يميز هذه النكهة، صعوبة الحكم لتمييز الشارع في حالة ما عن أخرى، فإذا ما قلت انه شارع الأطباء والصيادلة، ستبدي المطاعم اعتراضها مستعرضة عافية وطيبة مأكولاتها، وإذا ما مدحت فنادقه إجابتك شركات السفر معترضة على ذلك. وإذا ما ذكرت مسارحها بخير احتجت عليك صالات السينما فيه. ولو فضلت الجلوس والتلذذ بشاي مقاهيه، قالت لك مكتباته "وخير جليس في الزمان كتاب"، جوامعه وباراته، حلوياته كل شيء فيه منفرد بمملكة خاصة من التنوع وكأن هناك تسابقا في الشارع لجعله ملكاً لفئة معينة ولكن السعدون بقي ملك الجميع. بالطبع حديثي يروي السعدون قديماً وليس الآن. الآن جرح معاناته يعادل طول الشارع بآلاف المرات. دودنرمة وحلويات للعشاقحين تدخل الشارع من الجهة اليمنى من نفق التحرير الذي كان سبباً في هجرة تمثال عبد المحسن السعدون من هناك، صوب ساحة النصر بعد أن تم العمل فيه عام 1972.. ستجد مكتباته الأصغر سناً من أكبرهن مكتبة (المثنى) التي تلتف من عمارة مرجان باتجاه السعدون وهي امتداد للمكتبة نفسها في شارع المتنبي والتي أسسها قاسم محمد الرجب عام 1936. فنجد مكتبة التحرير والنهضة والشروق ومكتبة المدى التي كانت ولادتها مع موت الطاغية. يقول احد موظفي مكتبة المدى السيد داود محمد أمين إن العمارة هذه تسمى عمارة فاطمة، وقال ان مكان المكتبة و المحل المجاور لها عبارة عن اكسبريس فلسطين ثم تحول إلى (كيت كات).. وهو مجمع للشباب، فتيانا وصبيات ناضجين ويافعين محبين ومحبات بكل ما وهب الله لمجتمعاتهم من الحرية يتناولون منه الحلويات في فصل الشتاء، أما في الصيف فتقدم فيه الدوندرمة المطروقة أو ما تسمى (الثعلبية)، وقد خصص صاحب المحل الطابق الأعلى للعوائل، اما الطابق الأرضي فهو للشباب.تاجران وكباب أربيلويقول داود وهو يتحسر على طعم الجوز في الدوندرمة الجوزية وعلى الفستق الابيض في الدوندرمة البيضاء، إن أقدم مقاهي الشارع هي (هوبي) و (زناد) ومن المطاعم تاجران وكباب أربيل وكذلك مطعم نزار للأكلات البغدادية، وهمبركر ابو يونان، اما المطاعم الموجودة حاليا كما يقول داود فأنها تأسست في سبعينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. لكنها أتت بزي مترف على الرغم من أن مأكولاتها لا توازي القديم وأصالته وطيبة الأنفس التي صنعته قدور مطابخها كابن سمينة والمذاق وغيرها. ويشير داود إلى جامع الاورفلي شيد من قبل الحاجة نجية الاورفلي وهي زوجة السياسي المعروف احمد عزة الاعظمي عام 1952. وقد بني الجامع من طابوق (الجغفين) وهي صناعة بغدادية خالصة للطابوق وفق مواصفات خاصة يفرضها البناؤون، وقد تعرض باب الجامع الذي يعد تحفة فنية رائعة الى اضرار كبيرة سببها انفجار عبوة ناسفة في الشارع عام 2006 مما ادى الى استبداله بباب حديدي لا يرقى بشيء إزاء بابه الخشبي الذي اشتهر به، والناظر إلى الجامع يلاحظ حجم الكارثة التي يعيشها الجامع خاصة وانه يجاور بيت متروك لأحد المسيحيين أصبح مكبا للقاذور

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram