TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الإعلام المصري.. ومنطـق "التـاجـر الخـائـب"

الإعلام المصري.. ومنطـق "التـاجـر الخـائـب"

نشر في: 24 أكتوبر, 2011: 07:52 م

لينا مظلوم  كما تسطع شمس مشرقة تبدد ضباب سنين.. أخذ ضوء الثورات العربية أبصار وقلوب شعوبها وكل العالم. هذا "الربيع" الذي ولد من رحم المشاعر والأحاسيس النبيلة, بينما توارى دور العقل الحيوي عن المشهد السياسي, مما عرّض "الربيع" لرياح "العجاج" الملبد بكل أتربة الفوضى والتخبط والتسرع.
يقف الإعلام على رأس هذه الأطراف التي أصابتها هذه الحالة.. مما جعل الاعلام ومعالجته للأحداث في ظروف بالغة الدقة تعيشها المنطقة العربية, في صدارة القضايا التي تطرح نفسها حاليا للجدل في المشهد المصري بحكم معايشتي لواقعه. بعد أن تتلمذنا في مدارس عمالقة الصحافة المصرية مثل "إحسان عبد القدوس" و "صلاح حافظ و"الأخوين مصطفى وعلي أمين".. إلى آخر هذه الأسماء.. نترحم الآن على حال الأعلام المصري وما انزلق إليه من سذاجة وفجاجة واكبت أحداث ثورة 25 كانون الثاني.rnالمتابع للإعلام المصري المقروء والمرئي لا يملك سوى اعلان وفاة حرفية ومهنية الإعلام على يد من حولوا "مصر" التي يتشقدون بالتغزل فيها, إلى علبة "قهوة" أو "مربى" معروضة على رف "سوبر ماركت".. مجرد سلعة للمتاجرة.. بأي ثمن وأرخص أسلوب يتاجرون بها كي يرفعوا سعر بضاعتهم.. اما العواقب او الدور المقدس الذي رفع الإعلام الى مرتبة "السلطة الرابعة" والقوة المؤثرة في الرأي العام.. كل هذه اعتبارات أصبحت مفقودة من قاموس الإعلام المصري. بعد أن كانت الآمال معقودة على الإعلام في الانطلاق الى الأفاق الجديدة بعد حالة "مخاض"  نقلته من صوت يمجد النظام السابق ورموزه الى إعلام مستنير يعي حجم ما قام به الشعب المصري ولفت إليه أنظار العالم بأسره... تحولت هذه "الجوهرة الثمينة" الى مجرد سلعة في يد "تاجر خائب".. مزاد الكل يسعى فيه لتحقيق أعلى الأرباح حتى وان كان الثمن النهش في الجسد المريض بترهلات وآفات 30 عاماً. رغم أن السباق المحموم احد أبجديات الإعلام الاّ انه تحول في مصر من السعي لتقديم "قيمة" للمتلقي إلى ممارسات ساذجة ومراهقة إعلامية عجزت عن التفرقة بين مشروعية حرية التعبير وبين اللهو بمقدرات وطن يمر بظروف استثنائية.. وكل الأطراف التي ضحت عند قبول أمور إدارته تحاول – رغم حالة الارتباك العام- الوصول به إلى برّ آمان.  الأمثلة منذ ثورة 25 كانون الثاني لا تنقطع.. والاّ كيف نفسر حالة "الهوس" الإعلامي التي انتابت كل القنوات الفضائية والمطبوعات المصرية في وقت واحد ودفعتها للتكالب والاحتفاء بشخص مثل "عبود الزمر" – أحد اخطر المحكومين في قضية اغتيال الرئيس المصري أنور السادات- فور إطلاق سراحه من السجن وكأنه "صلاح الدين" محرر القدس! أما "البلطجية او "الشبيحة" فقد أصبحوا ضيوفا دائمين على القنوات الفضائية الخاصة.. والمصيبة أن مقدمي ومعدّي هذه البرامج من كبار صحافيين ورؤساء تحرير الصحف المستقلة او  كما تطلق على نفسها "المعارضة".. والتي تتبارز عناوينها وموضوعاتها النيل من هيبة المجلس العسكري المصري وهو آخر حد بين مصر والفوضى الكاملة. المثير للدهشة ان حواري مع القائمين على هذه الصحف والقنوات حول خطورة التحريض على العداء بين الشعب والجيش مما يودي بمصر إلى نفق مظلم- في أخطر مرحلة سياسية تمر بها- لا يسفر سوى عن مبررات ساذجة لا تدرك عواقب الفوضى التي تدق على أبواب "أم الدنيا" التي تمارس عليها سلطتها الرابعة أقسى ألوان العقوق. نموذج آخر على القصور الفكري الذي لا تتجاوز نظرته الى المستقبل موضع القدم.. ترحيب بعض القائمين على الصحف المستقلة- والتي تفخر أنها تتبنى توجه ليبرالي علماني- بفكرة هيمنة جماعة الأخوان المسلمين والأحزاب السلفية على صنع القرار ومسار العملية السياسية في مصر.. وكأن منطقهم الذكوري عجز عن رؤية كارثة تعطيل نصف المجتمع العامل – وهي النسبة التي تمثلها المرأة المصرية- نتيجة لما تجهر به هذه الجماعات علنا عن رغبتها في تهميش دور المرأة اجتماعيا وسياسيا وثقافيا... مع كل التهديدات الجادة والخطيرة التي يعاني منها الاقتصاد المصري، مما يستنفر كل عناصره بدلا من تعطيل نصفه, وكانت إحدى النتائج الكارثية لهذا المسار موافقة لجنة تأسيس الأحزاب للمتهم "عبود الزمر" بتأسيس حزب سلفي رغم  السابقة الجنائية في تاريخه. والأغرب مع كل المحاولات المنظمة التي تبذلها هذه الجماعات للفوز بنصيب الأسد من "كعكة الثورة" إنهم لم يستطيعوا إنكار حقيقة كونهم آخر تجمع انضم الى  حشود "ميدان التحرير" خلال ثورة 25 كانون الثاني.. وأول تجمع غادر الميدان! هكذا يتوالى مسلسل الانحدار الإعلامي في أمثلة صارخة يوميا.. وبدلا من أن يتولى دور "الصاروخ" الذي يقل مصر في رحلتها الى القمر.. اكتفى بتوصيلها إلى أقرب "سيرك". كاتبة عراقية مقيمة في القاهرة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram