TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق : أوادم

سلاما ياعراق : أوادم

نشر في: 24 أكتوبر, 2011: 08:19 م

 هاشم العقابيمنذ اليوم الاول الذي ارتبط به اسم مصطفى عبد الجليل بقيادة ثورة الشعب الليبي ضد القذافي، وانا ينتابني شعور يتأرجح بين غبطة الليبيين أو ربما حسدهم على نعمة ان يقودهم مثل هذا الرجل. من يومها دمدمت مع نفسي ومع بعض اصدقائي: ها هم الليبيون من ناحية الزمن عاشوا اكثر منا تحت ظل دكتاتور لا يقل كثيرا عن طبائع وقسوة دكتاتورنا، فلماذا لم يظهر عندنا مثل هذا الرجل؟
لا يحتاج من يستمع اليه او يراه الى كثير من التأمل ليحكم بانه زاهد. ليس كزاهد متعبد ومتدين، فقط، بل وزاهد بالسلطة والجاه والسمعة. باختصار اعجبت بالرجل، ولا اظنني منفردا بهذا الاعجاب اذ حتى هذه اللحظة لم اسمع اثنين اختلفا على رصانته وحكمته وبساطته. وحين كان كثيرون من الناس يتابعون خطابات القذافي بعد ثورة شعبه ضده، التي كانت اغلبها ربما بدافع الضحك عليه، كنت انشغل اكثر بمتابعة عبد الجليل. وحين القي القبض على القذافي  كان اهتمامي منصب على ما سيقوله القاضي عبد الجليل  اكثر من اهتمامي بقصة قتل القذافي وابنه.هدوؤه وتواضعه وفهمه لما يدور حوله دفعني ان اقول لصاحبي الذي كان يتابع خطابه معي انظر كم هي محظوظة ليبيا بهذا الرجل. رد علي: حقا انه آدمي. وما احوجنا نحن العراقيين لسياسي من طراز هذا الآدمي.لم يخف الرجل تدينه وتمسكه بالاسلام، لكنه، ربما، اول سياسي عربي يتحدث عن الدين بطريقة هي اقرب للصوفية منها للاسلام السياسي. وحتى حين سجد على الارض شاكرا ربه على نعمة الخلاص من الطاغية احسستها سجدة روحية خالصة لا رياء فيها. الرجل ليس اسلاميا او اسلامويا، حسب وصف البعض، بل انه مسلم متدين. وهذا النوع من عدم استغلال الدين لاغراض شخصية وسياسية، هو  ما ينشده الداعون للدولة المدنية او العلمانية كي يظل الدين والمتدين محترمين. وبسبب ذلك نال الرجل اعجاب الكثير من الساسة في بلدان العالم.  فعندما  قطع أحد اجتماعاته مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ليقوم بأداء الصلاة، ومن ثم عاد ليُكمل الاجتماع، عبر ساركوزي عن إعجابه بهذا السلوك.مع هذا وذاك يظل اهم ما يميز اكثر اعضاء المجلس الانتقالي الليبي عن اغلب، ان لم اقل كل، من في حكومتنا ومجلس نوابنا هو زهدهم بالسلطة. فعبد الجليل هدد بالاستقالة لو ان الثوار سلكوا اي سلوك غير قانوني. وأحمد جبريل قد استقال مترفعا على اغراءات السلطة ومكتسباتها. وفي الوقت الذي نجد فيه ان السياسي عندنا يتحدى ان يأتي احد ببديل افضل منه، فان عبد الجليل يضع استقالته شرطا لاستمراره في قيادة الليبيين مؤقتا الى بر الأمان ويقر ان في ليبيا كثيرين ممن هم افضل منه.ومن يستهن باغراءات الحكم وجمع المال قطعا يفرض احترامه على الجميع. والعكس بالعكس. وما كان عبد الجليل واصحابه يزهدون بالسلطة لولا انهم اوادم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram