وديع غزوانإذا كانت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندليزا رايس قد كشفت متأخرة في مذكراتها جزءاً من أخطاء الإدارة الأميركية في العراق واعترفت بـ ( أنها كانت غلطة وان الفوضى التي عمت بعد الحرب أسهمت في تحول مروع نحو المذابح الطائفية .. ) فإننا وبكل مرارة نقول لها ولإدارتها إن هذه الغلطة كلفتنا الكثير من التضحيات والألم والوجع الذي أصبح ملازماً لنا ولأطفالنا .. إنها غلطة دفعنا ثمنها - أبناءً وأخوة - وحصدنا من جرائها افواجاً من الأرامل والأيتام والمعوقين .
وبصراحة فان الوزيرة الأميركية السمراء لم تأت بشيء لم نعرفه ، فقد سبق "للمدى "ومنذ السنوات الأولى للاحتلال أن سلطت الضوء على كثير من هذه الأخطاء، ولم تكتف بذلك بل وضعت ملامح وتصورات ومعالجات لوضعنا العراقي الجديد , خاصة في افتتاحياتها التي جمع بعضها لاحقاً في كتاب عنوانه ينبئ بحجم المأساة التي تضاعفت ، مع الأسف ، بسبب رفض المسؤولين الاستماع إلى صوت الحقيقة وحبهم للمديح وتسطير بطولات لا محل لها على ارض الواقع . قد يكون إصدار رايس لمذكراتها يأتي في إطار تقليد حرص عليه المسؤولون الأميركيون والتي عادة ما تكون تحت إشراف ورعاية دور نشر متخصصة في فن الترويج والتسويق لمثل تلك المذكرات مع ضمان كسب المزيد من الأرباح لكل الأطراف ، لذا فهي كسابقاتها لم تنجم عن صحوة ضمير متأخرة ، بل امعاناً في مزيد من الكسب على حساب المصالح الأساسية لشعوب قدر لها أن تعيش مأساة دائمة وأوضاعاً شاذة تفرض عليها لكنها هي التي تدفع الثمن !، كما نعتقد أن من السذاجة تصور صدور مثل هذه المذكرات تعبيراً عن مستوى الفهم الحقيقي لمبادئ الديمقراطية ، لأنه اقرب ما يكون إلى مستوى الانحدار الذي وصلت إليه السياسة الدولية . والمؤلم أن مثل ما يورده المسؤولون الأمريكيون أو اقل منه بكثير كان يمكن أن يحيل صاحبها لو كان في أية دولة من دول العالم النامية - وهو مصطلح عليه كثير من الملاحظات - إلى المحاكم الدولية لأنه اعتراف صريح بمسؤولية أميركا عما جرى في العراق وفلسطين وأجزاء أخرى من العالم . قد لا يعجب كلامنا هذا البعض ، وينتقده ويعده تحريضاً وعقوقاً !!، دون أن يرجع إلى الإحصاءات عن عدد الأرامل الذي تجاوز الخمسة ملايين واقل منه أو يتجاوزه أطفال بلا معيل دون أن نشير إلى الضحايا من الشباب والأطفال والنساء ومن مختلف شرائح المجتمع الذين راحوا جراء العمليات الإرهابية التي ساعدت عليها الفوضى التي تتحدث عنها الوزيرة الأميركية السابقة . لا نريد أن نكون متشنجين ونحمل الولايات المتحدة الأميركية مسؤولية ما يحدث كاملاً ، ونبرئ بعض سياسيينا من جريرة ما يحدث من تدهور امني ونهب لثروات البلد وفساد وقائمة تطول من الأخطاء ، بل ربما يتحمل هؤلاء مسؤولية اكبر في تشويه العملية السياسية بل والدفع من قبل آخرين ربما لإسقاطها بجهل أو تعمد ، لكن تبقى الحقيقة المرة التي لا تغيب عن الذهن، إن الإدارة الأميركية وبريمر بشكل خاص يتحمل وزر ما حدث ولو كان الأمر بيدنا لقاضيناه .
كردستانيات: غلطة كلّفتنا الكثير
نشر في: 25 أكتوبر, 2011: 06:39 م