TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عين :متى تنتهي قصة البعث؟

عين :متى تنتهي قصة البعث؟

نشر في: 25 أكتوبر, 2011: 07:42 م

 عبد الخالق كيطان لم ينجز حزب البعث العربي الاشتراكي في البلدان التي أمسك السلطة فيها غير الخراب. أمامك العراق وسوريا أفضل الأمثلة. ولذلك، فهو حزب مكروه حتى وإن استمر في السلطة لأربعين عاماً. وخلال الأعوام العشرين الأخيرة، إلى ما  قبل سقوط الديكتاتورية في العراق عام 2003، تراجعت شعبية هذا الحزب في العراق إلى نسب متدنية جداً. كنا نتندر على "أعضاء" الحزب بصوت عال.
والعقائديون من أعضائه انزووا في بيوتهم بعد أن شاهدوا كيف تحول إلى حلقة عائلية بيدها كل شيء، بينما أصبح حزبهم مجرد شعار على المباني القديمة والمتروكة، فلقد حلّ محله خلال هذه السنوات شعارات جديدة تمجد القائد حصراً. ولمّا انتهت دولة صدام، وبدأت دولة جديدة، حمل قادتها كلهم شعارات جديدة تتمثل في الديمقراطية والحرية ودولة المواطنة، والقانون... ألخ. هل كانت تلك الشعارات بوحي فقط من الداعم الأميركي، وإذا ما أغمض هذا الداعم عينه، لسبب ما، فإن قادتنا يعودون إلى التاريخ نفسه الذي أنتج صدام وحزبه؟ما يحدث اليوم من اعتقالات بين صفوف عدد من المواطنين في غير مدينة عراقية يجري بتهمة الانتماء لحزب البعث، أو ما يسمونه "حزب العودة"، وهو، على ما يقولون، واجهة لحزب البعث المحظور. ولأنني أعيش بين الناس، لا في أبراج معزولة، أكاد أجزم بأن من يتحرك تحت مسمى حزب البعث هم نفر محدود. أنظر إلى قيادتهم في سوريا والأردن واليمن ومصر. إنها تعاني الأمرّين. فالحصار عليها لا يصدّق من قبل الدول التي يعيشون فيها. أغلبهم مطلوبون للعدالة بتهم شتى أقلّها: الإبادة الجماعية. هؤلاء هربوا من العراق لأنهم يعرفون ماذا سيكون مصيرهم على يد أبناء الشعب، وليس على يد الحكومة. أما الذين بقوا في العراق، فجلّهم من الأبرياء. أولئك الذين أجبروا على الالتحاق بالبعث لتمشية معاملاتهم اليومية. اليوم يضرب هؤلاء بلا رحمة، وتطبق عليهم معايير: "مكافحة الارهاب". وفي ظني أن الدولة كان بإمكانها استيعابهم عبر برامج عمل حقيقية لا شعارات واهية. يشيطنون حزب البعث انطلاقاً من سيرة هذا الحزب في الخمسينيات والستينيات، ولا يدركون أن العالم تغيّر. لن يستطيع هذا الحزب، ولو انطبقت السماء على الأرض، أن يكسب السلطة، لا في العراق ولا في سوريا مجدداً. كيف سيسوّق هذا الحزب شعاراته وقد انكشفت عوراتها من المحيط إلى الخليج؟ العالم اليوم في لحظة جديدة، وخطاب البعث لا يتلاءم وهذه اللحظة بأي شكل من الأشكال، بل أن أحزاباً عديدة في السلطة اليوم ينطبق عليها الأمر نفسه. من يريد بناء دولة حديثة عليه ألا يخاف من معتقدات الآخرين. وعليه أن يدرك أن بناء مثل هذه الدولة لا يتم من خلال الإقصاء على الظن. تذكّروا جيداً سبعينيات القرن الماضي وإجراءات صدام حسين بحق الأحزاب المختلفة، إسلامية أو علمانية.. ولا تعيدوا القصة نفسها ونحن في العشرة الثانية من القرن الواحد والعشرين. لنتعلم أن نكون متسامحين، لنتعلم أن نبني دولتنا بعيداً عن الظنون بالآخر، وبعيداً عن مشاعر الكراهية والتخوين. أما الإصرار على أن الشرور كلها تكمن في "فزاعة" حزب البعث، فهذا ما يسمى هروباً من المشكلة، لا أكثر ولا اقل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram