TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق :يموت على الموت

سلاما ياعراق :يموت على الموت

نشر في: 25 أكتوبر, 2011: 08:13 م

 هاشم العقابي دعاني ليلة امس احد الكتاب الاصدقاء لأتعرف على ضيفه الذي  ظهر فيما بعد انه يعرفني. جلسة غمرتني بالفرح منذ لحظتها الأولى فطابت النفس وغنت. الضيف متعدد المواهب. عازف ايقاع وراقص وممثل ويعشق الدارمي حفظا وتأليفا. الأجمل من كل ذلك انه كان صديقا مقربا لمجموعة من اصدقائي القدماء.اغلبهم شعراء شعبيون منهم زامل سعيد فتاح وجبار الغزي  وشخصية شعبية لها علاقة حميمة بالدارمي ومعروف بالوسط الغنائي،
 اسمه لفتة ابو الريحة.  شكرت صديقي الذي دعاني لأنه وفر لي فرصة فرح ازاحت شيئا من صدأ الكآبة الذي صار ضيفا ثقيلا في هذه الأيام. حكايات زامل وجبار الغزي، بالذات، تثير ذكريات من نوع خاص بداخلي. عشرة عمر. يكفي انهما كتبا اجمل الاغاني رغم غربتهما ووحدتهما ثم موتهما بطريقة تراجيدية محزنة. فزامل قتله لوري كان يقوده هندي في احدى شوارع بغداد في العام 1983 والغزي مات ايضا على قارعة الطريق في العام 1985. وعندما عبرت عن المي او ربما اسفي لطريقة موتهما استغرب الضيف. ثم عبّر بنبرة لا تخلو من صدق وبملامح جادة على وجهه بانه يغبطهما لأنهما ماتا. ثم دار الحديث عن الموت.اترك لكم ان تتخيلوا حالي وانا ارى شاعرا وراقصا وفنانا مرحا وعازفا موسيقيا صارت "مزته" التغزل بالموت. الكآبة محظوظة حقا حين تداهمها فرحة. فما اسرع ان تجد لها متبرعا (لا محزوز ولا ملزوز) يناديها ان ارجعي الى مكانك واجلسي على صدورنا راضية مرضية. وهل هناك من هو اجلب للكآبة والحزن من التلذذ برائحة الموت؟اذكر باني يوم تلقيت موت المطرب رياض احمد خفت حقا. لأن الموت اذا طال المطربين في اي بلد فانه يحمل رسالة تختلف عن اي موت آخر. واليوم ها انا اجد فنانا يشع حيوية ونشاطا  لكنه يريد الموت. لا بل حزين لان الموت لم يلب دعوته الى الآن. ساله ضيف من الضيوف وهو شاب مسرحي: ولماذا لا تنتحر اذن؟ رد بكل ثقة: لاني اخاف من الله فالانتحار حرام.استمر ضيفنا عاشق الموت بالتغزل بحبيبه. حاورته لعلي اجد سرا في حياته جعله يفتح شبابيك غرفته كل ليلة حين ينام حالما بقدوم عزرائيل، كما يقول، فلم افلح في اكتشاف اي سر.قلت له اخيرا، ان الذي اعرفه باننا، كعراقيين، نحب الحياة ونكره الموت. ثم ذكرته بما قاله  جدنا جلجامش يوم نادى صديقه انكيدو: "لقد افزعني الموت حتى همت على وجهي". فكيف تحب الموت وانت فنان والفن حياة كما يقال. رد علي ببرود شديد: ارجوك انا لا احب الموت بل اموت عليه.ودعت الجلسة حاملا صخرة من الكدر جثمت على صدري، وصوت جاري حسن عاصي الذي فارقته منذ ثلاثين عاما يرن برأسي وهو يغني لازمته المحمداوية:_ شسويت بعبادك يا ربي؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram