علي حسن الفواز rnصناعة المركز الثقافي، أي البنية المؤسسة التي تشكل الاطار العملياتي والمرجعية الحاضنة لتنظيم الفعاليات الثقافية في مستوياتها المعرفية والمعلوماتية والاعلامية، اصبحت من الاساسيات والموجهات المحركة للفاعليات الثقافية وتبني برامجها ومشاريعها، مثلما هي المسؤولة كناظم في تأمين مصادر التنمية الثقافية، وتجسير العلاقة بين المؤسسات الثقافية الاعلامية والتعليمية والبحثية في الداخل وفي الخارج،
خاصة في مجال تداول المعلومات وتحديثها وفي مجال تنظيم الاستبيانات، اذ ان هذا المركز سيكون هو الجهة المسؤولة عن تفعيل وتوسيع واستثمار هذه الجهود الثقافية، وعن انتاج ما يعززالفاعلية الثقافية بين الجمهور، وبين الجهات المستفيدة، والجهات المستثمرة لتشكلات الاقتصاد الثقافي.rnهذه الفاعلية اخذت تمثل دور الشفرة المولدة التي تمنح المنجز الثقافي حضوره وقوته واثره وجدواه الحقيقية في بنية الاقتصاد الثقافي..rnومن اجل ان يكون المركز الثقافي حافظا لسياقات عمله وبرامجه، ينبغي له ان يكون الاكثر استعدادا لإنتاج المزيد من الشفرات، تلك التي تعبّر عما تحمله الثقافة من رسائل وامكانات لها الاثر الحقيقي في تنظيم المسؤوليات الوطنية في تشكيل منظومات الثقافة ومؤسساتها وخطاباتها، ناهيك عن حيازتها لشروط الاستقلالية المهنية، واستجابتها لكل التحديات التي تجعل من الثقافة مصدرا لتعزيز النظام الديمقراطي الجديد، واسناد قوة المشروع السياسي الوطني المدني للدولة ومؤسساتها، فضلا عن حيازته آليات الاستمرار في التوليد والتواصل والتفاعل، لان اي مركز ثقافي خارج هذه الفاعلية لايعدو ان يكون مركزا ميتا. rnواحسب ان الشروع بصناعة مركز ثقافي يرتبط بهذه الجهة او تلك، خاصة الجهات الاكاديمية والبحثية، سيكون هو نقطة التحول الى صناعة بنيات جديدة وحرة بتقاليدها التنظيمية والمهنية وفي اليات عملها، والتي ستتحول ايضا الى مصدر لتسويق وتداول واستثمارالمعلومات، وللمساعدة في رسم سياسات اعلامية واسنادها بالاستبيانات والتصورات والمعطيات التي تعزز فاعلية رسم الخطط الوطنية واتخاذ المواقف المناسبة التي تملك الاهلية لمواجهة اخطار الارهاب الاعلامي والعنف الاعلامي والتضليل الاعلامي واعتماد التنظيم العلمي المسؤول عن تداول المعلومات والتي باتت اليوم جزءا من الصراعات الدولية، خاصة ان هناك الكثير من سياقات العمل المهنية والفنية التي تدخل في تحديد هوية المركز او الناظم المسؤول على السيطرة على ترددات البث، وعلى اعطاء التراخيص لهذا البث، وكذلك التراخيص في مجال نظم النقل المعلوماتي عن طريق الكيبل او طريق الهواتف النقالة، وخدمات الانترنت، والذي بات سياقا إجرائياً في عمل كل الدول التي تبحث عما يديم اقتصادياتها الثقافية والاعلامية والاتصالية كمصدر مهم في تنمياتها الوطنية، ناهيك عن مسؤولياته في حفظ الامن الوطني الثقافي والإعلامي..rn هذا المركز هو جزء من صناعة برامج التحول، وجزء من فكرة تحرير المعلومة والفكرة والخبر من انماط السيطرات التقليدية ذات المرجعيات التقليدية الحكومية والايديولوجية، او التي تعود بمرجعياتها الى دول الطوق الاعلامي العربي والاقليمي والدولي، والتي فرضت على انتاج الاخبار موجهات خارجية ضاغطة، تحولت فيما بعد الى موجهات دعائية كثيرا ما ضللت الرأي العام الداخلي والخارجي، ناهيك عن دورها في تزييف الوعي الوطني وتكريس مفاهيم المركز السياسي والاستبداد السياسي والذي تحول الى صاحب رأسمال سلطة انتاج المعلومات والثروة والعنف..rnالحيازة الموضوعية الفاعلة لتداول المعلومات تقترن اساسا بامتلاك شرط الوعي في هذه المسؤولية، مسؤولية تحويل (المركز الثقافي) الى بنية مؤسسية حرة لها حيازة التوليد وانضاج الخطاب الاعلامي الوطني القائم على اساس ان الثقافة عملية اضافة وتجاوز وتوليد دائمة..rnهذا المركز يمكن أن ينتقل ايضا من دور الهامش الى سعة المتن( تاريخ الوحدات والاقسام الثقافية في صحفنا العراقية ومؤسساتنا الرسمية ووزاراتنا وحتى جامعاتنا هي قرينة بهامش دائم في الخطاب الاعلامي) اذ تخضع الى القياس الاعلامي التقليدي بتوصيفاتها الرسمية اكثر من خضوعها الى التوصيف الثقافي العام . هذا الانتقال يسهم في تهيئة مجالات واسعة للمركز الثقافي في صناعة بيئته الثقافية(صناعة القرار+ استقلالية القرار+ مصادر تمويل تنفيذ القرار، الخصوصية المهنية الفاعلية للملاكات الادارية والتنظيمية والتحريرية+ فرصة واسعة للتدريب وتنمية الخبرات+ آفاق جديدة لتنفيذ البرنامج الثقافي) rnهذه الانتقالة الفاعلة ستسهم ايضا في تغيير الكثير من العادات المكرسة في عمل مؤسساتنا الثقافية، عادات صناعة التراكم الافقي، والاشتغال على ماهو منجز، وحصر الخطاب الثقافي بأنماط معينة من الكتابة. اذ سيحمل الجهد الثقافي مسؤولية الانفتاح على فضاءات ثقافية معرفية وفكرية ومعلوماتية واسعة الطيف، لها القدرة على انتاج المزيد من الاسئلة والمعطيات التي ستلامس ركاماً طويلاً من(المسكوت عنه) في ثقافتنا العراقية التي هرستها العقائد السرية، وايديولوجيات الرعب، وعقلانية الحكومات البائسة وسطوة المراكز السياسية والامنية والايديولوجية.rn
صنـــاعــة المركــز الثقـافـي
نشر في: 28 سبتمبر, 2009: 06:34 م