TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن :مجزرة بهاء الأعرجي

العمود الثامن :مجزرة بهاء الأعرجي

نشر في: 25 أكتوبر, 2011: 08:34 م

 علي حسين من غير المعقول أن رئيس هيئة النزاهة البرلمانية، انتهى من كل ملفات وقضايا الفساد في العراق، وتفرّغ للاهتمام بملاحقة المقاول الكردي -على حد قوله-، كنت أتمنى أن يبتعد السيد الأعرجي عن التوصيفات القومية والطائفية كونه ينتمي لتيار وطني يدافع عن حق كل العراقيين بالعيش في إخاء دون تمييز- هذا المقاول الذي أعاد تأهيل فندق الشيراتون، لا أريد أن يفهم من كلامي إني أدافع عن المقاول الذي لا تربطني به رابطة،
 لكن لا يعقل أن يقفز السيد بهاء الأعرجي فوق كل ملفات الفساد التي أزكمت أنوف الجيران قبل أهل الدار لينشغل ويشغل الناس معه بالظهور المكثف أمام الفضائيات أو يرفع سماعة الهاتف ليجري مداخلة في برامج حواري ليعلن للأمة أن هناك مقاولا هو سبب كل مشاكل الفساد في العراق وهو الذي نصب على الحكومة والناس، فوزع عليهم حصصا غذائية لا تصلح للاستهلاك البشري وهو الذي ترك مولدات كهربائية ضخمة بمليارات الدولارات عرضة للتلف والتخريب وهو الذي شفط أموال المدارس الحديدية وتركها هياكل يصفر بها الريح، وهو الذي أهدر 27 مليار دولار على مشاريع كهربائية وهمية، وهو الذي زوّد القوات الأمنية بأجهزة كشف المتفجرات التي قال عنها موردها إنها مجرد لعب أطفال. للأسف يصرّ السيد الأعرجي على أن يمسك بيده مسطرة غريبة وفريدة من نوعها يقيس بها قراراته، وشعاره المرفوع دائما: تحدث بما يعجبك وقرر ما يغضب الناس ويستفزهم ويحرق دمهم. إن قضية الفساد المستشري في أجهزة الدولة ومؤسساتها الآن ليست هي "لماذا منح هذا المقاول حق ترميم فندق الشيراتون؟".. ولا يهمنا أن نعرف إذا كان المقاول كرديا أم مسيحيا، سنيا أم شيعيا، القضية الآن أننا أمام ملفات فساد خطيرة يتم التعامل معها على أنها مجرد أضابير يخرجها السياسيون وقت الحاجة بينما الواقع يقول إننا نعيش أزهى عصور الفساد وسرقة المال العام. يحاول السيد الأعرجي بشتى السبل أن يلوي الحقائق، من خلال ابتساماته التي لا تتوقف، وظهوره المستمر على شاشات التليفزيون، والثابت أن هذه الطلعات التليفزيونية المكثفة لم تفلح في إقناع الناس بان الأموال التي هربها مسؤولون كبار ستعاد إليهم بمشاريع صحية وبناء مساكن، وإلا ما معنى أن يتحدث الأعرجي عن فندق الشيراتون حصرا ويترك الفنادق الأخرى التي شملتها إعادة التأهيل، والسؤال الأهم؛ لماذا يدخل رئيس هيئة النزاهة في صراعات بين رجال أعمال وتجار، لعل البعض يقول إن في الموضوع رائحة مصالح شخصية، لا استطيع أنا إثباتها أو التحدث بها لكن منطق الأحداث يدفعنا أن إلى نسأل؛ هل هيئة النزاهة مسؤولة عن ملاحقة هذا المقاول فقط، وأين هي من الآخرين الذين لم ينجزوا أعمالهم حتى هذه اللحظة؟ اعتقد أن ما يحدث هو نوع من الإرهاب السياسي يرتدي عباءة النزاهة، وهو نوع من الابتزاز الذي يقترب من حدود ترهيب الآخرين وتركيعهم، وهي في النهاية محاولة للخلط بين الرأي السياسي والحق القانوني.إن أحدا لا يستطيع أن يصادر حق السيد الأعرجي في كشف ملفات الفساد، لكن الاعتراض كل الاعتراض على من يريد استغلال هذه الملفات لحسابات شخصية، كما أن لا احد يكره العدالة والنزاهة، غير أن العدل لا يمكن أن يتحقق إلا بأن يكون القانون هو السيد على الجميع، ومن ثم، فالتعاطف والانحياز لتجاهل وتجاوز القانون ولو بشكل مؤقت مع بعض ملفات الفساد ومنها ملفات تتعلق بتجار ومقاولين كانوا شركاء لصدام ومعاونيه من شأنه أن يردنا من حالة "القانون" إلى حالة "الغابة" خصوصا مع تلك السيولة في المفاهيم، التي تجعل من قضية إعمار فندق قضية امن وطني، وبالتالي يصبح شيئا عاديا أن يرجم رجال الأعمال الذين لا يأتون على هوى السيد رئيس هيئة النزاهة.إننا في (المدى) حريصون على فتح كل ملفات الفساد بالشكل الصحيح وسنفتحها الواحد بعد الآخر ونتمنى من الآخرين أيضا أن يفتحوا كل ملفات الفساد أمام العراقيين في إجراء حضاري ينتصر لقيم دولة القانون واحترام آدمية الإنسان، لكن يبدو أن السيد الأعرجي يفضل أن يهوي على رؤوسنا بهراوات تحول كل ما في هيئة النزاهة من عدالة وقانون إلى مجرد "مجزرة".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram