rnحازم مبيضين لم يكن أمام رئيس الجمهورية اللبناني مناص من إعادة تكليف سعد الحريري بتشكيل الحكومة، بعد مرور سبعة وثمانين يوما على تكليفه الأول، وذلك استناداً إلى اﻻستشارات النيابية الملزمة، والتزاماً بنصوص الدستور، التي تؤكد حتمية التزام رئيس الجمهورية بتسمية الشخصية التي تحوز أكثرية الأصوات في اﻻستشارات النيابية، وقد حصد الحريري 73 صوتا بينها 71 هم أعضاء الأكثرية، وصوتين انشقا عن الأقلية، لحرصهما على التوافق، وكون الحريري يحظى بتأييد غالبية أبناء طائفته السنية.rn
rnلا يدل انخفاض عدد الأصوات في التكليف الثاني عن الأول على ضعف موقف الحريري، لأن نتيجة اﻻستشارات هذه المرة واقعية، وتعكس بأمانة نتائج الانتخابات، بينما يدل امتناع كتلة نبيه بري عن تسميته، أن رئيس مجلس النواب خضع لتعنت العماد عون والشيخ نصر الله، وبالتأكيد لتدخل إقليمي مكشوف، رغم محاولة تغطية الموقف، بالزعم أن الرئيس المكلف لم يلتزم بوضوح بتشكيل حكومة وحدة وطنية، على قاعدة 15- 10- 5 في توزيع الحقائب، التي تعثرت عند طرح الأسماء وتوزيع الوزارات، وبحيث بدا وكأن الأمر يتعلق بفرض زعامات جديدة، رغم أنف الناخبين، وت?زيع غنائم حرب لم يخضها أحد ولا سالت فيها الدماء.rnالحريري اليوم أمام استحقاق جديد كما قال، وحسناً فعل بامتناعه عن إطلاق وعود في الهواء، وحسنا يفعل حين يبتعد عن توصيف حكومته العتيدة، ويكتفي بوعد الالتزام بنصوص الدستور، والعمل لتحقيق أوسع مشاركة وطنية، وجعل الحوار قاعدة ﻻ رجوع عنها للتواصل بين الجميع، وهو يدرك أن اللبنانيين يريدون حكومة مسؤولة عن إدارة الشأن العام، وتوفير مقومات الاستقرار والسلامة والتقدم، ومعالجة المشاكل القائمة في كل زاوية من زوايا الوطن، وأن هذا الشعب غير معني بتسمية حكومة وفاق أو ائتلاف أو وحدة وطنية، أو تكنوقراط، أو برلمانية، أو أقطا?، فهو تماماً يريد حكومة ﻻ تكون مجرد طاولة لإدارة المناكفات السياسية.rnعلى الحريري الاستفادة من التكليف الثاني، ليؤكد للجميع أنه الوحيد القادر على تشكيل الحكومة، مثلما هو الوحيد القادر على انتشال لبنان من الحفرة التي ساهم الكثيرون بقصد وبغير قصد في إعدادها ليسقط فيها وطن الأرز، ومعه طموحات اللبنانيين بحياة أفضل، وعليه هو أن يملي شروطه، ولا يسمح للأقلية بفرض شروطها، فهذا هو الوضع الطبيعي، وعليه هو تحديد الوزارات التي ستشغلها المعارضة وهذه يجب أن تكون ثانوية وغير مؤثرة، وعليه أن يشكل مطبخاً وزارياً من وزراء الأكثرية النيابية، تناط به مهمة اتخاذ القرارات السياسية الكبرى، ودون ال?ماح للأقلية بالتدخل فيه، نقول ذلك ونحن نعرف ضرورة انفتاحه على كافة الأفكار، ليتمكن من تشكيل حكومة يريدها على صورة لبنان، وبحيث تكون جامعة وفعالة ومتضامنة، تنبثق من روح الدستور وأصول الديمقراطية وتتوافق مع نتائج الانتخابات.rnيمتلك الشيخ سعد كافة الأوراق، مثلما يمتلك حق اللعب بتلك الأوراق، لكنه لا يفعل ذلك رغبة منه وبشكل استباقي في انتزاع فتيل أي أزمة قد تلوح في الأفق، على أن ذلك لا يجب أن يمنح بعض القوى السياسية في المعارضة حق الاعتقاد أن من حقها التحكم بمصير الحكومة المنتظر تشكيلها، ولو كان الحريري يعيش في بلد كبريطانيا أو ايطاليا أو فرنسا أو أي بلد يعيش الديمقراطية البرلمانية على أصولها لكان شكل حكومته منذ تسعين يوماً وأراح البلاد والعباد.rn
الحريري الثاني والتكليف 2
نشر في: 28 سبتمبر, 2009: 06:37 م