اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > ربيع الثورات يُعيد العراق إلى خريطة العالم العربي

ربيع الثورات يُعيد العراق إلى خريطة العالم العربي

نشر في: 28 أكتوبر, 2011: 05:37 م

سعد سلّوم خلال أسابيع، تابع الشباب في العراق بشغف ما فعله أقرانهم في أكثر من بلد عربي وخرجوا باحتجاجات تضامنية معهم، قبل أن يقرروا أن يبدأوا جمعتهم المفصلية في يوم 25 شباط (فبراير) الماضي.ومع أن العراق يعيش في عزلة عن أشقائه العرب منذ غزوه للكويت 1990 وفرض الحصار الاقتصادي عليه لمدة 13 عاما، ولم يتحرر من طوق عزلته منذ التغيير الذي حصل في 2003 بإرادة أميركية،
 لكن ربيع الثورات جاء ليعيد وضعه على الخريطة العربية مجددا. المفارقة أن الشباب العفوي حقق ما عجزت عنه الدبلوماسية العراقية والحكومات المتعاقبة على السلطة منذ 2004. لقد كسرت هتافاتهم جليد العزلة عن المحيط العربي ورسمت شعاراتهم وأغانيهم رغبة جديدة عابرة للحدود وحدت العالم العربي تحت راية التغيير. وبدلا من الخطب العاطفية التي تعود القادة العرب إطلاقها عن الوحدة العربية منذ خمسينيات القرن الماضي انطلق الشباب من  ساحات التغيير العربية وهم يحلمون بعالم يتشكل تحت سماء جديدة."الديمقراطية من تحت"لم يمنع اشتداد القمع الحكومي لاحتجاجهم السلمي رسائلهم من أن تتوالى للعالم الخارجي: نعم، كان التغيير بعد 2003 مشروطا بإرادة خارجية، ومن ثم  فإنه تغيير من الخارج، إلا إننا الآن نبدأ ثورتنا الخاصة: تدشين التغيير من الداخل."إنه تغيير على طريقتنا وليس وفقا لمقاسات ومصالح الدول الكبرى"، كما يقول بسام جمعة احد شبّان تظاهرات شباط، ويضيف وهو يعدل من قبعته التي أكسبته لقب السينمائي: "نحن نمتلك الآن من القوة والأدوات ما يجعلنا قادرين على رفع شعار الإصلاح دون مساعدة من قوة خارجية". هكذا بدأ الشباب فلسفتهم للتغيير من نبض الشارع،  في نوع من "الديمقراطية من تحت"، إزاء "ديمقراطية من فوق" فرضت من قبل قوة عظمى، ومن ثم طرحوا شرعية حركتهم الاحتجاجية على مستوى تمثيل الإرادة الشعبية الحقيقية إزاء آليات ديمقراطية فشلت في الانتقال بالبلاد إلى مرحلة ما بعد الصراع. وبهذا الصدد يبرر مشتاق فرج (أستاذ جامعي 38 عاما) عدم مشاركته في التصويت في الانتخابات الأخيرة بقوله "ما الفائدة من الانتخابات إذا جاءت بهتلر أو صدام جديد أو ما هو أسوء من ذلك... أي أعداء الديمقراطية من أحزاب الإسلام السياسي". غير أن شعار "إصلاح النظام" الذي رفعه شباب شباط بدا أقل حدة من مثيله العربي الذي تمحور حول "إسقاط النظام" وهو بهذا يلخص رؤية مغايرة ملخصها أن إسقاط النظام الدكتاتوري تم في عام 2003، ولكن المهمة لم تنجز بعد، إذ فشلت سياسة القوة الصلبة باستخدام الدبابات والصواريخ في تأسيس الديمقراطية. وبعبارة أخرى فشلت "الديمقراطية من فوق" في بلورة بديل ينقل العراقيين إلى برّ الأمان. "التغيير من الداخل" يحمل رسالة إصلاحية تطرح شعارات محاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية وتغيير المعادلة السياسية القائمة على المحاصصة الطائفية، وهو ما يتضمن تغييرا لبنية النظام السياسي الحالي يصل إلى مستوى الثورة عليه. إنها ثورة جديدة للقوة الناعمة على وسائل وأدوات القوة الصلبة، تستخدم أسلحة الشعارات الساخنة التي تطلقها ساحات التغيير لتحاصر برود طرق التفكير السائدة. لكن الربيع العربي جاء بفرصة أخرى: أن يفهم العرب أخيرا ويعيشوا ما عاشه العراقيون من مخاوف وآمال طوال عقودهم الأخيرة.إذ فتحت التحولات والمخاوف التي رافقت الاحتجاجات العربية لائحة من الإمكانات والخيارات والمخاوف والسيناريوهات كانت دوما مرتسمة في أفق التحولات العراقية:  الخوف من اندلاع حرب أهلية بعد سقوط الدكتاتورية، اشتداد القمع الحكومي للثورة والذي يرقى في بعض الحالات إلى إبادة جماعية، عدم اليقين حول عالم ما بعد الثورة والشعور بدوار التغيير، المخاوف من وصول الإسلاميين إلى السلطة، وأخيرا الاستعانة بالتدخل الخارجي لحسم المعركة مع الأنظمة الدكتاتورية. جميع تلك التحولات اختبرها العراقيون في العقدين الماضيين وإن استغرقت مدة أقصر بكثير في الحالة العربية.هذا ما اختبره العراقيون التفاؤل بالتغيير الذي حمل الشباب العربي في مصر وتونس، على جناح الحلم بعالم جديد، لم يمنع مخاوف عودة النظام القديم بأشكال جديدة بارزة، فالأب الحاكم الذي تم إسقاطه أو رحيله إلى الأبد سيعيد الأبناء تمثيل دوره للفوز والاحتفاظ بالسلطة، فهذا منطق السلطة الذي سرعان ما يزيح منطق الحريات بمجرد القبض على كرسي الحكم. مثل هذه المخاوف اختبرها شباب عراق ما بعد 2003 في مرض الحنين للدكتاتور، "أسقطنا صدام ولكن لدينا الآن أكثر من نسخة عنه" كما تقول هناء حسين 32 عاما، وهي تصف الزعماء السياسيين المتصارعين على السلطة في عراق ما بعد صدام. كما أن فزّاعة الحرب الأهلية التي استخدمها الدكتاتوريون العرب اختبرها العراقيون في عالم ما بعد الدكتاتور في حرب طاحنة  2006 بين السنة والشيعة رفض السياسيون الاعتراف بتورطهم بها، أو حتى الاعتراف بها كحرب طائفية، ومن دون تقديم الاعتذار للشعب عن الجرائم التي ارتكبوها باسم تمثيل الطائفة أو الجماعة أو الدين. بل إن الصورة المظلمة لواقع الأقليات في العراق جعلت من التلويح بورقة الأقليات ممكناً لأكثر من نظام عربي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram