وديع غزوانما زالت أنباء انسحاب القوات الأميركية من العراق وتأكيد الرئيس الأميركي أوباما خبر الانسحاب تحتل حيزاً واسعاً من اهتمامات الرأي العام وتثير قلقاً مشروعاً عند المواطنين، خاصة وهو يرى فجوة الخلاف بين أطراف العملية السياسية تتسع في وقت أكثر ما نحتاج إليه هو إيجاد قواسم مشتركة على الأقل في القضايا الرئيسية ، وفي المقدمة منها تحقيق نوع من الاستقرار السياسي الذي بالتأكيد سينعكس إيجابا على بقية الملفات ومنها الأمني .
وبغض النظر عن الآراء والتحليلات المتباينة بشأن مستقبل العراق بعد الا نسحاب ،وجاهزية القوات العراقية لتسلم مسؤوليات كبيرة منها :حماية الحدود ، إضافة للجانب الأمني المهتز أصلا بوجود هذه القوات من عدمها ، فان الأمر الذي لايقبل الشك هو أن أطراف العملية السياسية تتحمل بالدرجة الأساس وقبل غيرها ما قد يحصل من تداعيات لأنها هي وليس غيرها من جعل من موضوعة الانسحاب من عدمه عرضة لمزايداتها الكلامية، وكانت، وهذا ما قاله سياسيون أكثر من مرة، تقول في الاجتماعات شيئاً لتناقضه في وسائل الإعلام . ومع اقتراب موعد الانسحاب لابد لهذه القوى من مراجعة مواقفها في الكثير من القضايا ، وخاصة ما يتعلق بموضوعة الشراكة الوطنية التي قيل الكثير عنها ، لكنها من حيث الواقع غائبة . لانختلف مع من يقول إن العملية السياسية ما زالت هشة ولا نريد أن نعود إلى زمن الخطب العنترية وندعي امتلاكنا ما ليس فينا ، لكننا في نفس الوقت لايمكن أن نغفل إن تصحيح الأمور ومصدر القوة يكمن في وطننا وشعبنا ، الذي كان المدافع الوحيد عن العراق دون أن يطمع بغير وطن تتحقق فيه كرامته وعيشه الكريم ،وهذا ما ضيعه اغلب السياسيين عندما وضعوا مصالحهم الحزبية والشخصية فوق مصلحة الوطن . لانظن أننا نطلب المستحيل إذا طلبنا من الكتل المهيمنة على كل شيء إعادة النظر بحساباتها والتوقف عند أخطائها وهي كثيرة ، لأنها هي سبب ضعفنا وهواننا وهي وحدها التي سمحت لهذا الطرف وذاك من نشب مخالبه في جسدنا وهو ما زال واهناً . مطلوب إعادة النظر في مجمل الواقع السياسي والانطلاق نحو بناء دولة مدنية تضمن حقوق الجميع وتعيد إليهم الثقة ، ولا يضير هذه الكتل المتسيدة أن تستمع لأصوات قوى وطنية أخرى همشت قسراً لرسم طريق جديد لبناء المستقبل . قد يتهمني البعض بالمثالية وأنا أدعو لهذا الموقف الوطني الذي أعده الأساس في استعادة قوتنا ، غير أن تجارب التاريخ القريب والبعيد أكدت وتؤكد ما نقوله ، فالقوة العسكرية وجاهزيتها مع غيرها من الأجهزة الأمنية وتوفير معداتها ، مهم لكن ما ذا يمكن أن تصنع في ظل أجواء الاحتراب لدرجة تخوين كل طرف للآخر ؟ وكيف يمكن أن يتطور أداؤها مع كل الفساد الذي تحميه التوافقات ؟ !
كردستانيات: تهويمات من وحي الانسحاب
نشر في: 29 أكتوبر, 2011: 07:49 م