علي حسينوأنا اقرأ تصريح النائب عدنان السراج الذي اتهم فيه الأميركان بتمويل المؤامرة البعثية تذكرت لافتة رفعها احد المتظاهرين في واحدة من جُمع الاحتجاجات التي قمعتها الحكومة، فقد اكتشف الرجل إن أميركا خدعته بمشروعها الديمقراطي حين سلمت البلاد لأناس يتحسسون سلاحهم كلما سمعوا كلمة ديمقراطية فكتب ثلاث كلمات اختصر فيها كل معاناته وكانت: "طاح حظك أمريكا"
اليوم اردد مع المتظاهر المسكين "طاح حظك أمريكا" ثانيا وثالثا ورابعا والى ما لانهاية لأنها سلمت البلاد إلى سياسيين البعض منهم يمزج الكوميديا بالسياسة، وآخرون حفروا أسماءهم بحروف من نور في سجل التصريحات الغريبة والمثيرة، تصريح السراج يكشف بالدليل القاطع أن هناك جوانب مضحكة كثيرة في حياتنا، بل وكوميدية، فلو أن مسكينا قرأ هذه التصريحات فسوف يتصور أن أميركا التي قطعت آلاف الأميال من اجل إسقاط صدام وإنهاء تسلط حزب البعث، عادت وعضت أصابعها ندماً على كل ما جرى، ويحتاج المرء ليكون ساذجا تماما وربما غبيا لأقصى درجة ليصدق "الاسطوانة المشروخة" التي يرددها البعض عن الانقلاب العسكري والدبابات التي ستحاصر مجلس الوزراء، فالناس تدرك جيدا أن زمن الانقلابات ولى إلى غير رجعة وتدرك جيدا أن صراع الساسة على المناصب والمنافع هو الخطر الأكبر الذي يهدد مستقبلهم وأمنهم. تصريح السيد السراج دفعني لان اسأل ما هي أكثر الأخطار التي تهدد العملية السياسية في العراق؟!.سيقول البعض إنها الرشوة وسرقة المال العام وكل بقايا نظام صدام وغياب الأمن، وسيعتقد البعض أنها إسرائيل وبعض دول الجوار، وسيظن فريق ثالث أنه ضعف الحكومة وترددها، فيما قد يعتبر فريق أخير أن كل العوامل السابقة مجتمعة هي أخطار تهدد مستقبل البلاد، ومع كل التقدير للعوامل السابقة وخطورتها إلا أن هناك عاملا أخطر بدأ يبزغ ويتزايد، هذا العامل اسمه سياسيو الصدفة الذين يزينون للحكومة أفعالها ويطالبونها بالاستمرار في نهجها إلى ابد الآبدين، هؤلاء هم –للأسف- تيار آخذ في التزايد ويكتسب كل يوم أرضا جديدة.هم ليسوا جسدا واحدا، بل أعضاء متناثرون وأحيانا متنافرون، لكن عملهم يصب في النهاية بإناء واحد، تراهم يملأون الصحف والفضائيات، ويقدمون كوكتيلا من التصريحات المتناقضة من أول التسبيح بحمد الحكومة ونهاية بخطر المتظاهرين. وبالطبع فإن وسائل الإعلام خصوصا الفضائيات صارت تلعب دور منصات يطلق منها هؤلاء صواريخهم التي تقصف عقول الأبرياء من الناس، والجميل أن يأتي مثل هذا التصريح في الوقت الذي ترفض فيه الكتل السياسية الاتفاق على تسمية وزراء أمنيين، وفي وقت يقف فيه سياسيون بوجه مشاريع الاستثمار، وفي وقت يساوم فيه الجميع من اجل جيوبهم الخاصة ضاربين بعرض الحائط كل مطالب الناس، وأخشى لو أن أحدا قرأ تصريح السيد السراج فسوف يتصور أن حكومتنا ستترك مطاردة ناشطي التظاهرات وستعلن الحرب على أميركا التي تجرأت واستغلت انشغال الحكومة ومجلس النواب بمناقشة المنافع الاجتماعية للمسؤولين، فأخذت تخطط لانقلاب عسكري ولانها اكتشفت ان قواتها لاتكفي لمحاصرة المنطقة الخضراء فقررت الاستعانة ببقايا حزب انتهى وولى واصبح من الماضي لكي يجهزوا طائراتهم ومدفعيتهم الثقيلة ويمدوا يد العون للجيش الاميركي الذي يعاني شحة في التجهيزات والمعدات. المضحك أن تصدر هذه التصريحات من سياسيين لم يتركوا بابا من ابواب من أبواب المسؤولين الأميركان إلا وطرقوها من اجل الثبات على المنصب.
العمود الثامن: السراج والانقلاب الاميركي!!
نشر في: 29 أكتوبر, 2011: 10:09 م