حازم مبيضين لا تملك السلطة الفلسطينية ترف انتظار تحمّل المجتمع الدولي لمسؤولياته, لدعمها وتعزيز مكانتها ودورها، كما أنها وصلت إلى طرق مسدودة مع حكومة نتنياهو, وهي اليوم تواجه السؤال الأهم إلى أين تتجه بوصلة القضية؟ وكيف يتم التعامل مع بيانات اللجنة الرباعية, وفكرة الذهاب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة, وصولاً إلى بحث خيار شديد الصعوبة يتمثل بإمكانية حل السلطة, حال فشل جهود الحصول على عضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة,
وهي أيضاً لا تملك ترف اتخاذ قرارات دون التشاور مع محيطها العربي الذي يجب أن يظل حاضراً في الصورة, خصوصاً مع اجتماع لجنة المتابعة العربية اليوم لدراسة الخطوة التالية. نعرف جميعاً أن الممارسات الإسرائيلية تعمل على إفقاد السلطة مبررات وجودها, لكن خيار حلها سيكون هدية لتعنت حكومة اليمين الصهيوني, والمطلوب اليوم العمل بكل الوسائل على بلورة فهم مؤكد وعام وثابت وقانوني, يوصف مهام السلطة ولا يتركها بغير سيادة, ومسلوبة الصلاحيات, ومفرغة من محتواها, وهنا فان المهمة تعني حالة نضالية من أجل استعادة سيادتها، مع بحث العديد من الأفكار، كطلب وصاية دولية، أو إعادة القضية إلى الأمم المتحدة بوصفها مرجعية تحل محل ما كان قائماً من خيارات, ثبت أنها لا ترى الوضع الفلسطيني بشكل أساسي، ولديها أولويات أخرى, وخصوصاً بعد أن تمكن الرئيس الفلسطيني من إعادة البريق إلى القضية الفلسطينية، حين توجّه رغم كل الضغوط العلنية والسرية إلى الأمم المتحدة، رغم الوضع العربي الصعب والأزمة المالية العالمية.حين يقول الرئيس محمود عباس إن السلطة لم تعد سلطة، فان ذلك يجب أن يفهم على أساس أنها إن لم تتحول إلى دولة فإنه لا فائدة منها، وهي لم تعد قادرة على خدمة المشروع الوطني بقدر ما تشكل عبئا على هذا المشروع وتخلص إسرائيل من تبعات احتلالها, وهذا الكلام ليس جديداً, فقد أعلن عباس أكثر من مرة أن احتلال إسرائيل هو الأقل كلفة في التاريخ, نظراً لأنها مع وجود السلطة لم تعد مطالبة بتحمل مسؤولياتها, مع امتلاك الفرص لاتخاذ القرارات المتناسبة مع سياساتها التوسعية, دون الالتفات إلى وجود تلك السلطة, بحكم واقع احتلالها الحقيقي والفعلي, بغض النظر عن وجود السلطة, لأنها فعليا سلطة تحت الاحتلال. يتعرض الفلسطينيون لضغوط استثنائية، لا تستطيع تحملها دول كبيرة، وهم خاضوا معركتهم الدبلوماسية في الأمم المتحدة, رغم الضغوط الأميركية, لكن المؤكد أن تلك المعركة ليست فاصلة في تاريخ القضية وتاريخ الدبلوماسية الفلسطينية، وهي معرضة في إحدى اللحظات للفشل, إن لم يحصل قرار عضوية فلسطين في المنظمة الدولية على الأصوات التسعة المطلوبة أو حصل عليها مع الفيتو الأميركي, لكن ذلك لن يكون نهاية المطاف, فالمعركة مستمرة ولا بد من إعادة المحاولة أكثر من مرة, كما أن الذهاب إلى الجمعية العامة للحصول على دولة غير كاملة العضوية، خطوة ليست بالقليلة, حيث أنها ستنقل الفلسطينيين خطوة كبيرة إلى الأمام، من حيث ستصبح فلسطين دولة تحت الاحتلال, وبما يعني في الإطارين السياسي والدبلوماسي، أن المفاوضات ستكون مختلفة، وسيكون الواقع مختلفا من حيث الوضع القانوني الدولي، وستخسر إسرائيل كثيراً جراء تحول فلسطين إلى دولة مراقبة. وفي حال عدم الوصول إلى هذا الهدف فان حل السلطة سيكون خطأً, والمطلوب عندها أن يتغير محتوى ومضمون السلطة ووظيفتها، وأن يتم البحث عن أشكال لا تحوّل السلطة إلى غطاء للمشروع الإسرائيلي، وتحفظ الكيانية الفلسطينية، وتقوم بكل ما يجب أن تقوم به من أجل تعزيز الصمود الشعبي على الأرض, والمعروف أن ذلك لن يتم بالصورة الصحيحة دون إنجاز المصالحة الوطنية، وهي خطوة ستوجه ضربة استراتيجية للمشروع الإسرائيلي, وتقطع الطريق على محاولات الالتفاف على حقوق الفلسطينيين الوطنية, وقد تكون الانتخابات المحلية والتشريعية والرئاسية الخطوة التالية لتأكيد وظيفة السلطة كسلطة وطنية على طريق التحرر وإقامة الدولة العتيدة.
في الحدث :السلطة الفلسطينية والخطوة القادمة
نشر في: 30 أكتوبر, 2011: 09:41 م