عامر القيسي الربيع العربي الذي اسقط حتى الآن ثلاث دكتاتوريات عتيدة، والبقية في الطريق، وانطلقت شعوب هذا الربيع نحو تأسيس أنظمة ديمقراطية على أنقاض الاستبداد والفساد المالي، هذا الربيع ينظر إليه البعض من سياسيينا بين مزدوجين وهو مؤامرة صهيونية امبريالية تستهدف العراق بسبب التكوين الإيديولوجي لهذا الربيع وجغرافيته معا. هذا الكلام ليس من صنع الخيال أو الأوهام.
هذا ما قاله النائب عن دولة القانون عزت الشابندر في لقاء متلفز له مع إحدى الفضائيات. لكن السيد الشابندر لم يشرح لنا بقية وجهة نظره أو فضحه هذه المؤامرة العالمية التي تستهدف العراق وتجربته لكي نأخذ حذرنا من هذا السرطان الذي يجتاح المناطق السوداء في الخارطة العربية، ولكي لا نندفع بسذاجتنا أكثر مما نفعل الآن من تأييد ودعم وشعور بالفرح تجاه هذه التحولات التاريخية في المنطقة.السيد الشابندر ربما لا ينسى إن الذي اسقط نظام صدام هي الامبريالية العالمية بجيوشها المتحالفة وهي الامبريالية نفسها التي قاتلت الإرهاب مع قواتنا الأمنية وهي نفسها التي نعقد الاتفاقات الأمنية والاقتصادية والشراكة الإستراتيجية معها وهي بالذات من أدت حربها التي أسقطت صدام وأدت إلى أن نرى صناديق اقتراع حقيقية للمرة الأولى في حياتنا السياسية المعاصرة وهي نفسها التي بسبب هذه الحرب أصبح السيد الشابندر عضوا برلمانيا وشخصية سياسية معروفة تتلاقفها الفضائيات لمعرفة ما يجري في البلاد. هذه هي بعض من وجهات نظر بعض سياسيينا بالربيع العربي الذي شغل العالم الامبريالي والصهيوني!! والتي لا يتوانى بعضهم من تسميته بالخريف العربي، بل إن بعض التقارير المغرضة تتحدث عن دعم سري لنظام البعث في سوريا في مواجهة ربيع الشعب السوري، ولا ندري كيف يفسر النائب الشابندر أن المؤامرة الامبريالية العالمية دفعت رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الانتقالي الليبي محمود جبريل إلى أن يسلم الحكومة العراقية معلومات عن مؤامرة بعثية للإطاحة بالعملية السياسية وكيف أن السيد المالكي يستقبل المتآمرين على العراق وعلى حكومته تحديدا والأهم من ذلك الاعتراف بالمجلس الانتقالي رسميا!! لا ندري حقا كيف استطاعت الامبريالية والصهيونية تحريك كل هذه الملايين ضد أنظمتها الرقيقة والشفافة والديمقراطية والعادلة في سبيل إسقاط العملية السياسية في العراق علما أن آلاف الجنود من هذه الامبريالية على الأرض العراقية ولا تحتاج لتجييش شعوب المنطقة من اجل إسقاط الحكومة العراقية لان ادواتها في الداخل اقوى بكثير من امكانية العامل الخارجي؟ ان النظر إلى نضالات الشعوب وتضحياتها بهذا الاستخفاف والتبسيط وعدم الاحترام وتزوير الحقائق، هو جزء من الكيل بمعايير عديدة وليس بمكيالين، فالربيع مقسم لدى هؤلاء السادة بين ربيع حقيقي في بقعة ما وخريف ومؤامرة امبريالية صهيونية في بقعة أخرى من الوطن العربي.السيد الشابندر لم يكن واضحا ولم يحدد وإنما أطلق، في مغالطة منطقية، حكما جائرا على حركة تأريخ جديدة تصنعها شعوب المنطقة بدماء أبنائها، وتقف هذه الشعوب في كل لحظة تأريخية الآن عارية الصدور في مواجهة الرصاص والدبابات والقناصين والقذائف العشوائية من اجل حريتها وكرامتها. والنتيجة أنها تفعل كل ذلك من اجل إسقاط الحكومة العراقية!!
كتابة على الحيطان :مؤامرة الربيع العربي
نشر في: 30 أكتوبر, 2011: 10:47 م