TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن :من الملا إلى الساعدي..كأن شيئاً لم يتغير!

العمود الثامن :من الملا إلى الساعدي..كأن شيئاً لم يتغير!

نشر في: 30 أكتوبر, 2011: 11:48 م

 علي حسين ما هذه المأساة.. لم نكد نفيق من معركة الهيئات المستقلة حتى باغتتنا صولة الاجتثاث، ولم تنته معركة مجلس السياسات حتى شمر الجميع عن سواعدهم في حروب الأقاليم، يخرج علينا صباحا كمال الساعدي ليقول: "بعض الدول الإقليمية والخليجية وقفت وراء مطالبات بعض المحافظات بالفيدرالية"، فيما يطل مساءً حيدر الملا ليعلن أن "تصريحات رئيس الوزراء نوري المالكي بشان آلية تشكيل الأقاليم يعبر عن عدم معرفته بالدستور والقانون"
مشاهد تتكرر يوميا وعلى مدار السنة، ولأننا شعب طيب ومحب للمرح فقد تعاملنا مع هذه التصريحات وغيرها باعتبارها نوعا من التسالي، على أساس أن السادة النواب لم يصادروا حقنا المفترض في أن نتسلى معهم في إجازتهم التشريعية، فقد تركوا مشاكل البلد معلقة، وأزمة اختيار الوزراء الأمنيين بلا حل، ليشغلوا أنفسهم ويشغلونا بمعارك جانبية، ولتتحول الممارسة الديمقراطية في العراق من ممارسة حضارية تستند على القانون، ووسيلة لخدمة الناس إلى حروب ومعارك شيطانية تكتب في النهاية شهادة وفاة للعراق الجديد وتخرجه من التاريخ المتحضر لتضعه في قاع الهمجية والتخلف والعصبية القبلية، عروض ملت منها الناس، لأنها تحولت شيئا فشيئا من مباراة في السياسية إلى مقاطع كوميدية رخيصة ، هكذا يتحول مجلس النواب الذي أراد له العراقيون أن يكون مكانا يجتمع فيه ذوي الكفاءات والخبرات والطاقات الخلاقة إلى سوق مناكفة وعرض سيئ للعضلات وفجاجة في العمل السياسي، مما أدى إلى غياب القضايا التي تهم الشعب ليحل محلها صراع من اجل الاستحواذ على ما تبقى من امتيازات.اليوم نعيش اجواء  ديمقراطية أضرت وتضر بالحرية والعمل البرلماني، وسياسة تحولت خطابا طائفيا مقيتا، ربما سيقول البعض إن الجدل والخلاف السياسي من طبيعة الأنظمة الديمقراطية، وان الاختلاف بين الجميع حق دستوري، لكن أن يصل الاختلاف إلى التخوين والاتهام بالتآمر فهذا يعني أننا نعيش مرحلة الغيبوبة السياسية، وارتفاع في مؤشر الجنون إلى أعلى نقطة، واندفاع في قطار الطائفية المقيتة والحزبية الضيقة في اعنف صورها.من حق دولة القانون ان تعترض على مفهوم الأقاليم ومن حقها ان تطرح مشروعها لنظام مركزي، ومن حق العراقية أن تقف بالضد من هذا النهج، لكن ليس من حق الاثنين الضحك على عقول الناس.. فقبل أشهر من هذا التاريخ كان ائتلاف دولة القانون يناضل من اجل إقامة إقليم البصرة فقد أكد، عضو دولة القانون عن محافظة البصرة جواد كاظم أن دعوى إجراءات إقامة إقليم البصرة ستأخذ طريقا قانونيا.وبين "أن الأقاليم هي حق دستوري ولا يستطيع احد أن يمنع أية محافظة أو عدة محافظات من تشكيل إقليم". معللاً طلب المحافظات بإنشاء الأقاليم هو لقلة المشاريع والتأخر في تطويرها”. وهذا الكلام لا يختلف في شيء عما صرح به مجلس محافظة صلاح الدين ، طبعا أتمنى ألا يفهم من كلامي أنني اروج لفكرة الاقاليم ولكنني أتساءل لماذا لم يندد السيد السنيد بإقامة إقليم البصرة؟، وأتساءل أيضا لماذا يخرج حيدر الملا الدستور من جيبه الآن ويلوح به فيما الوقائع تؤكد كل يوم أن الملا ومعه العشرات من النواب ينتهكون الدستور حين يختزلونه في طائفة وحزب  ، ويمارسون منتهى الإهانة لمعنى الوطنية، وقمة الإساءة إلى الوطن حين حولوا مجلس النواب إلى نموذج سيئ لديمقراطية أحزاب الطوائف.إذا كان العراقيون قد قدموا آلاف التضحيات للخلاص من دكتاتورية صدام، فإن السنين الماضية كشفت بجلاء أن قطار الانتهازية والمحسوبية السياسية والطائفية لا يزال يمضى في طريقه وكأن شيئا لم يتغير.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram