وديع غزوان بعيداً عن المساجلات السياسية التي تتصاعد بشأن الموقف من إعلان مجلس محافظة صلاح الدين تحويلها الى إقليم ، والتي سبقتها في ذلك محافظات أخرى كالبصرة مثلاً والترشيح لأن تحذو محافظات اخرى حذو محافظة صلاح الدين ، فان الخلل لا يكمن في الفيدرالية كمبدأ وفقرة وردت في الدستور الذي تم التجاوز عليه في اكثر من مناسبة من قبل جميع الاطراف السياسية . لانريد هنا ان نكون جزءا من هذه المساجلات التي اتعبتنا غير أننا مضطرون الى ان نحتكم الى مواد الدستور بما تحمله بعض فقراته
من أوجه يفسرها كل طرف بحسب ما يناسب اغراضه ، لكننا نؤكد مرة اخرى ان الخلل الاكبر معروف وواضح للجميع وهو يكمن في حالة الفرقة والتناحر وعدم وجود رؤية واضحة لكل القضايا الجوهرية والاساسية المتعلقة بمستقبل العراق ،وهي كثيرة ولكن يمكن ان نختصرها بطبيعة النظام السياسي للعراق الذي نص الدستور على انه اتحادي ديمقراطي فيدرالي , ولكن اي واحدة من هذه لم تختلف عليها النخب ؟ ! قد يكون توقيت مطالبة مجلس صلاح الدين غير موفق وربما جاء كرد فعل على حالة معينة او ان تكون المحافظة لا تمتلك مقومات اقامة إقليم بالمعنى المتعارف عليه ، قد يكون كل ذلك صحيحاً، غير ان هذا لا يمنح الحق للتجاوز على مبدأ كفله الدستور والذي نسمعه من هذا الطرف او ذاك ، وينبغي على الشخصيات السياسية ان ترتقي بمناقشاتها لتكون حقاً معبرة عن رأي الشارع الشعبي وتستحق حقاً تمثيله ، بعيداً عن اسلوب التخوين واتهام اطراف اخرى بما ليس فيها . وبصراحة ان كثيرا مما يقال في وسائل الاعلام على لسان البعض يجعلنا نخجل من انفسنا ، لانه يجسد عقلية متخلفة عما يجري في العراق وما نحتاجه . نعم قد نختلف في التوجه والنظرة على بعض التفاصيل ويطرح كل طرف وجهة نظره التي يراها الاصلح ، لكن دون التقاطع مع المبادئ الاساسية والجوهرية التي اتفق الجميع على تضمينها في الدستور ، كما ينبغي ان نعطي صورة واضحة من خلال مناقشتنا عن العراق الذي نريده للجميع دون استثناء فيشعر المواطن فيه بالأمان بعيداً عن شبح الخوف الذي ما زال يقض مضاجع مكونات عديدة . قد نتفق مع من يقول ان بعض فقرات الدستور تحتاج الى اعادة نظر وتعديلات يفترض ان يستفتى عليها ، غير ان هذا مدعاة الى حوارات بناءة يشترك فيها الجميع ، تبتعد عما نراه حالياً .وحتى لا نظلم الفيدرالية نقول ان العديد من الدول قد جربت تطبيقها ونجحت ، كما ان بعضها اخفق في ذلك ، غير ان مناقشتها من قبل سياسيينا لابد من ان تتم على وفق نظرة تأخذ بنظر الاعتبار حقوق كل مكونات العراقيين ، وفي مقدمتها العدل والمساواة والامان . لست مع من ينظر الى الفيدرالية بشكل سطحي ويصورها وكأنها مناصب رفيعة وامتيازات ، بل هي اكبر من ذلك وتعني ان ينظر الى كل مواطن بمنظار واحد فتتيح فرصاً لكل طاقة ان تظهر ولكل كفاءة ان تعمل . اخيراً الخطأ الاخر الذي دأب البعض على اقترافه هو اقحام إقليم كردستان في كل دعوة تطرح لإنشاء الإقليم ، وكأنه ليس من العراق وهي نظرة تفصح عما يضمره مطلقوها من توجهات.
كردستانيات :الفيدرالية وسياسيونا!
نشر في: 31 أكتوبر, 2011: 08:17 م