TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عين: فندق فـي عمان

عين: فندق فـي عمان

نشر في: 31 أكتوبر, 2011: 10:55 م

 عبد الخالق كيطاندعاني الصديق الدكتور حيدر سعيد لاحتفالية عراقية تقام في فندق وسط عمان. ذهبت معه لأفاجأ بالفندق. بدأ العمل في الفندق أيام إقامتي الأولى في عمان في تسعينيات القرن الماضي. كان بناءً مهيباً لم يكتمل آنذاك، وكنا نسمع أن صاحبه من الأثرياء العراقيين. في تلك السنوات كان من الطبيعي بالنسبة لرأس المال العراقي أن يعيش بعيداً عن حصار وطغيان بغداد، فالمال لا يزدهر وينمو إلا في بيئة ديمقراطية، وآمنة، على ما يعلّمنا أساتذة الاقتصاد.
الفندق الذي أعنيه اليوم يشمخ إلى جوار عدد كبير من المباني في عمان، وعندما تدلف إليه تسحرك منحوتات الثور المجنّح. علامة ثانية على عراقية المكان. أما العلامة الثالثة فتتمثل بشكل الفندق وتصميمه الأساس. كان معي بالإضافة للصديق حيدر سعيد وزوجته السيدة زينة عسكر والدكتور يحيى الكبيسي. وبدأ نقاش بيننا حول تصميم الفندق، فينا من قال أنه: ملوية سامراء ما غيرها، وأصر آخرون على أنه برج بابل. وبغضّ النظر عما كان يفكر به مصمم الفندق، فإن الملمح العراقي هو الذي بقي في رأسي. أفكّر لو أن سنوات التغيير التي هبطت علينا بعد العام 2003 جلبت معها بعض الأمن للعراق، فهل سيظل رأس المال العراقي مقيماً خارجه؟ ثم ماذا عن السياسات الحكومية، تلك التي لم تستطع سوى جلب بضعة تجار يجيدون لعبة الفساد المالي. وهكذا بتنا نقرأ ونسمع ونشهد عن عمليات نصب كبيرة في العراق في الوقت الذي لم نر شيئاً يشيّد على الأرض. هلكونا بأحاديثهم عن "المجسّرات"، وهذه، لو تعلمون، من ابسط المشاريع وأسهلها وأقلّها كلفة، ولكن الأمر في العراق مختلف حتى مع هذه القصة. أغلب ما أنجز من مشاريع "المجسّرات" عبارة عن قصص فساد، وبعضها أنجز بمواصفات متخلّفة، وتصميمات مليئة بالأخطاء الهندسية. وهذا الكلام ليس من عندياتي، بل من خلال ما ينشر في الصحافة المحلية من تحليلات متخصصين تنتقد تلك “المجسّرات” التي شيّدت في بغداد والحلة والعمارة وغيرها.يتوق الناس في بلادي إلى فندق بمستوى الفندق الذي أمضيت في إحدى قاعاته قرابة ثلاث ساعات. معمار متطور وتكنولوجيا حديثة وجمال وأناقة وخدمة متميزة. وأقول لنفسي: يا إلهي، هل صعب على العراقيين أن يشيّدوا فندقاً بهذا المستوى في العراق؟ هل من المستحيل أن نشهد مشروعاً حقيقياً من مشاريع الإعمار التي نسمع عنها؟ أي مواطن بسيط إذا دخل إلى مواقع وزاراتنا ومؤسساتنا وهيئاتنا سيفاجأ بهذا العدد الكبير من المشاريع، وبعض تلك المواقع تنشر صوراً بانورامية لتلك المشاريع، ومن يرى تلك الصور يظن نفسه في نيويورك وليس في بغداد، فأين تذهب تلك المشاريع، ولماذا لا تنفّذ؟محقّون أولئك الذين يتحدّثون عن قصص الفساد العراقية، فرائحتها تزكم الأنوف، وأيّ زائر لأيّ من دول الجوار سيصطدم بنهضة عمرانية ما يدفع إلى القول أن بلادنا لن تشهد مثيلاً لها على مدى العقد القادم كله. ابحثوا عن رأس المال العراقي. دعوه يعمل في البلاد. قدموا له التسهيلات الممكنة، ووفّروا له ما يريد من وسائل لإنجاز عمله، خاصة ونحن نمتلك أعداداً كبيرة من العاطلين عن العمل والمتعطشين لمشاريع توفر لهم ولعوائلهم لقمة عيش كريمة... وقبل كل هذا: وفّروا الأمن والأمان أيها السادة، وكفاكم بحثاً في ما يدفع بلدنا إلى الوراء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram