TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > منطقة محررة: بـورتـريــه لـلـبــدوي ميشيـل شلهـوب

منطقة محررة: بـورتـريــه لـلـبــدوي ميشيـل شلهـوب

نشر في: 1 نوفمبر, 2011: 07:14 م

 نجم واليميشيل ديمتري شهلوب المولود 1929 بالأسكندرية من أسرة كاثوليكية، لا يصلح أن يكون حتى بطل قصة تتحدث عن تغيير الأسماء والهويات، عن الشيزوفرينيا والإنفصام، فالرجل الذي اصبح في الثمانين، لابد له وبعد المشوار الطويل الذي عاشه، تعب من السؤال: أي الأسمين يليق به أكثر،
 الأول الذي نادته به أمه، ميشيل ديمتري، أم الثاني الذي تلبسه: عمر الشريف. الناس تغير أسماءها وجنسياتها في أزمان الحروب والهجرات، لكن بطل موضوعنا هذا، لم يكن مضطراً يوماً، فهو وعلى عكس مواطني قارته افريقيا التي هدتها المجاعة ونحرها صراع القبائل والحروب، لم يعرف شيئاً الجوع أو التشرد، فهو وُلد من عائلة ميسورة، ابوه تاجر كبير للخشب في الأسكندرية، مدينة كان تنوع سكانها الديني والأثني روتيناً، رغم ذلك، قرر بطلنا تغيير اسمه وبراديكالية كبيرة، من ميشيل ديمتري شهلوب الكاثوليكي، إلى إسم عمر، الصحابي والمسلم السني الرمز، ليس لكي يكون مقبولاً للآخرين وحسب، كما إقترح عليه زميل أيام الدراسة في كلية فيكتوريا بالإسكندرية، كاثوليكي آخر، أسمه يوسف جبرائيل شاهين، بل لكي يساعده بالصعود الوظيفي في: السينما. 1954، عام تمثيله أول دور سينمائي، لم يدخله صديقه الخبير هو الآخر في اللعب على الأصول والأسماء، عالم التمثيل والسينما بمنحه الدور الرئيسي في فلم "صراع في الوادي" وحسب، بل أدخله أيضاً لعب دوره الجديد في الحياة. ذلك العام سيكون أيضاً البداية لشخص لن يعرف في حياته غير الصعود، الزواج من فاتن حمامة وإشهار الإسلام، هو البروفة الأولى التي لحقت على الطريق، "كاذب يوماً، كاذب كل يوم"، لابد من إتقان الدور الزائف الجديد.في بداية الستينات، جاء المخرج البريطاني دافيد لين للبحث عن ممثل مصري يلعب دور الشريف علي في فلمه لورنس العرب، وقوعه على عمر الشريف كان ضربة حظ، ساعده في ذلك إتقانه الحديث باللغة الإنكليزية، لأن المخرج إختار أولاً الممثل أحمد رمزي، لكن عدم إجادته الحديث بالإنكليزية جعلته يفشل. نجاح لورنس العرب عالمياً شجع لين على التعاون معه في أفلام أخرى، الدكتور زيفاجو مثلاً، كانت الستينات مرحلة الأفلام الرومانسية، وكانت على مقاس الشاب العربي الأسمر الوسيم، فهو لا يحتاج إلى التمثيل، كل إمرأة حلمت بالأمير العربي على شاكلته، كل ما قام به على الشاشة كان مقبولاً، كان عمر الشريف مخدراً بنجاحه، حتى زوجته فاتن حمامة أصبحت ماضياً لابد من التخلص منه، أخبار العلاقات النسائية للممثل الذي يمثل شخصية الرجل الغامض الهادئ واللطيف والمغري للنساء إحتلت مجلات المشاهير، لكن ما لم يعرفه هو أن صرعة الشخصية الرومانسية هذه ستنتهي، هذا ما حصل، الفلمان الأخيران له، "الوادي الأخضر" 1971، و"بذور التمر الهندي" 1974 فشلا فشلاً ذريعاً، وكانا بداية هبوطه الفني والشخصي، فمن ناحية قبوله التمثيل بأدوار ثانوية وكوميدية هابطة ومن ناحية أخرى إدمانه اللعب بصالات القمار، حتى وجد نفسه معزولاً يوماً، لا أحد يريده لا في السينما ولا كصديق.في بداية التسعينات عاد عمر الشريف إلى مصر، ومثلما يقول المثل بخفي حنين، ليقبل بتمثيل مسلسلات تلفزيونية مصرية وبأجر زهيد، لكن في كل مشواره السينمائي وحتى ظهوره الأخير في المهرجان السينمائي في الدوحة لم يغادر عمر الشريف دور الرجل اللطيف، ربما هي رغبته العميقة بتمثيل دور الرجل الشرير، هي التي جعلته يصفع الصحفية العراقية العاملة في قناة الحرة.ميشيل ديمتري شهلوب أو عمر الشريف، أنها المرة الأولى التي أعرف أن الرجل نجح بالتكيف مع الشخصيتين، ففي أوروبا صورته حاضرة اليوم في الدعاية لصالونات القمار، "الرخيصة" منها طبعاً، ويكفي لمن يسافر في السيارة من التشيك إلى النمسا، لكي يرى على جانبي الطريق السريع عند الحدود النمساوية حيث إزدحمت صالات القمار التشيكية الرخيصية، لوحات خشبية كبيرة للإعلانات أحتلتها صورة رجل يبتسم تحيطه الفاتنات، وأمامه طاولة الروليت، وفي البلدان العربية صورته حاضرة بصفته البدوي الذي بين أحبته من مجتمع الذكور، البدوي الذي إعتاد على ضرب النساء!  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram