 إياد الصالحيبالرغم من ان الدورة الخليجية الحادية والعشرين أسبغت الصفة الرسمية على منظمها الشرعي العراق منذ انتهاء الجدل الساخن بشأن أحقية تضييف الدورة العشرين في اجتماع الاتحادات الخليجية الذي عُقد في ابو ظبي 2007 ، وما تلاه من تأكيدات حاسمة في دورتي مسقط وصنعاء ، إلا ان بعض مسؤولي الرياضة في بلدنا عدّوا أمر اقامة الدورة في البصرة مسألة كرامة وعزة ووطنية من الدرجة الرفيعة لا يجوز سلبها أو التحايل عليها استناداً لتلك التأكيدات الواضحة والمعلنة.
بلا شك ، ان القرار الخليجي بنقل تنظيم الدورة من البصرة الى المنامة فرقع الاجواء العراقية وصعّد لغة الاستياء وطاير الاتهامات هنا وهناك بصورة لم نكن نتوقعها انطلاقاً من حرصنا على أن العاملين في شؤون اللعبة والرياضة عامة يدركون حجم وأبعاد القرار الذي لم يكن مفاجئاًَ بتوقيته ، بل بطريقة استخلاصه لموجباته التي اعتمدت عقب الزيارات المتكررة للجنة الهندسية الخليجية وما ثبتته من ملاحظات مهمة كانت تسترعي اهتماماً اكبر من مسؤولي الملف سواء في وزارة الشباب والرياضة أم اتحاد الكرة بعد ان تسارعت الاخبار بأن هناك رأيا شبه قاطع بصدد عدم القناعة بما قطعته المدينة الرياضية في البصرة من مرحلة التخطيط والبناء والأسس الستراتيجية والمحاور ذات العلاقة بإنجاز واحدة من ابرز التحف المعمارية في فن انشاء الملاعب الذي تصدّت له شركة عبد الله عويز الجبوري المنفذة للمشروع وفق افضل التصاميم العالمية التي نالت رضا المسؤولين ودفعتهم الى توفير الامكانات المادية والبشرية اللازمة لإنجاح الدورة، هناك اسباب كثيرة حرمت البصرة من استعادة الحق العراقي وذكريات دورة بغداد 1979 يوم نظمت النسخة الخامسة ، واهمها ضعف ردة الفعل تجاه التوصيات الاخيرة التي شكلت نقطة فاصلة بين الرغبة العراقية بتقديم ملف تنظيمي ناجح ومميز وبين واقعية الاتحادات الخليجية في طلب الادلة القاطعة لمنح البصرة تأييداً كاملاً لا يشوبه الغموض أو الشك ، وبالفعل اسفرت تلك الردة الضعيفة من اللجنة المنظمة للدورة الى زيادة علامات الرفض الخليجي والالحاح بنقل الدورة الى المنامة صاحبة الجاهزية والتجارب الاحترافية في ميدان التنظيم بدلالة نجاحها في ضيافة دورة الالعاب الرياضية الخليجية الاولى التي أسدت رسالة قوية بأنها قادرة على احتضان الدورة 21 بعد عام ونيف.صراحة ، لا أرى سبباً وجيهاً لتمرير بيان وزارة الشباب والرياضة الى وسائل الاعلام حاملاً عتباً ونقداً اكثر قساوة من القرار الخليجي نفسه ، إذ ان الايفاء ببعض الالتزامات التي طالب بها وفد امناء سر اتحادات الكرة في الخليج لا يعني ان التنظيم بلغ ذروة الكمال فهناك نقوصات كبيرة في المشروع باعتراف المشرفين عليه تحتاج الى مدة زمنية مناسبة لا تقل عن سنتين ، ثم ان التعبير الدقيق الذي اطلقه وزير الشباب والرياضة المهندس جاسم محمد جعفر بأن المدينة الرياضية " تعد عمقاً ستراتيجياً للرياضة العراقية عموماً وليست حكراً على دورة معينة " ، جاء في الوقت المناسب لتطبيب جرح غائر يرى البعض انه اصاب المعنيين بالمشروع بمقتل جراء إفشال مساعيهم بتضييف الدورة في البصرة ! ولهذا لا بدّ من منح القائمين على المشروع وقتاً جيداً لإنجاز متطلبات ملف التنظيم وتغطية حاجة البنى التحتية من وقت ومال وجهد للخروج بنتائج مرضية بدلاً من الاستعجال والضغوط لخطب ود الاشقاء في الخليج ، عندها سيكون لدينا ملعب نموذجي نتفاخر به ليس على صعيد التنافس في المنطقتين العربية والاقليمية فحسب ، بل والعالمية ايضا .بإمكان الاخوة في وزارة الشباب والرياضة وبالتعاون مع اللجنة الاولمبية الوطنية واتحاد الكرة التخطيط المدروس والمتأني لإقامة بطولة دولية بكرة القدم تـُُدعى لها ابرز المنتخبات في القارات الخمس ، تطلق في احدى المناسبات لتكون بطولة سنوية ، يَعلن رؤوس الاشهّاد فيها سلامة الظرف الامني وسحب البساط ممن يروجون في السر والعلن الى خطورة التباري في العراق لكي نثني (فيفا) عن اتخاذ قرارات ظالمة مستقبلاً ، ونبطل حجج العرب قبل الاصدقاء بصعوبة اللقاء في بغداد وبقية المدن العزيزة التي تستحق ان تضيّف كبرى المسابقات وتظهر الاستعداد الكبير لتقديم افضل صور الضيافة ( العدنانية) بما تعكس أصالة الشعب والوطن الممتدة منذ آلاف السنين التي لن تتغير مهما واجهت الظلـم والبـلاء.